يخبركم ربان القطار
بأن هذه المحطة مزدحمة بالمعلومات , بالرغم من اختصارها
والمحطة القادمة , وهي التاسعة بإذن الله ستكون
خفيفة جدا وقريبة جدا ..
المحطة الثامنة
بعد أن توفيت آمنة بنت وهب بين مكة ويثرب في الأبواء وهي عائدة إلى مكة ,
وعادت أم أيمن بمحمد وعمره الآن ست سنين
فاتجهنا فورا حيث محمد
استقبلتنا أم أيمن في محطة القطار وأخذتنا إلى بيت عبد المطلب.
فقالت : حياكم الله في بيت شيبة
فقالت أم الفوز : وهل عبد المطلب شيبة يا أمنا ؟
نعم يا أم الفوز عبد المطلب ليس اسمه بل اسمه شيبه بن عمرو ,
وإنما أخذ هذا الاسم من عمه المطلب لكثرة ملازمته له , وكل من رآه توقعه عبدا له فسمي عبد المطلب
تعجبت ماوية وقالت : لا بد أن لعبد المطلب حكاية مثيرة !!
فقالت الدر المكنون : هيا يا أمُنا أحكي لنا عن طفولة عبد المطلب وأين عاش ؟؟
فأجلستنا أم أيمن في دار عبد المطلب , وتناولنا القهوة العربية ,
وهي تعود بذاكرتها إلى الوراء :
تعرفن يا بناتي أن أسرة محمد تعرف بالأسرة الهاشمية
وذلك لنسبة إلى جده هاشم وقد سمي بهاشم إلا لهشمه الخبز وهو أول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء والصيف
وهذه قصة هاشم أبو عبد المطلب , وهي أن هاشما واسمه - عمرو بن عبد مناف - خرج إلى الشام تاجرا
فلما قدم يثرب تزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار وأقام عندها
ثم خرج إلى الشام وهي عند أهلها قد حملت بعبد المطلب فمات هاشم بغزة من أرض فلسطين
وولدت أمراته سلمى عبد المطلب سنة 493 م وسمته شيبة , وذلك لشيبة كانت في رأسه
وجعلت تربيه في بيت أبيها في يثرب ولم يشعر به أحد من أسرته بمكة
,,,,
وكان لهاشم أربعة بنين وهم : أسد , وأبو صيفي , ونضلة , وعبدالمطلب
وخمس بنات : وهن: الشفاء , وخالدة , وضعيفة , ورقية , وجنة
,,,,,
فاسترسلت أم أيمن تحكي لنا قصة عبد المطلب جد محمد عليه السلام ,
مع عمه المطلب ,, فقالت :
كان المطلب عم شيبة وأقصد عم عبد المطلب
فسبقتها ألوان في الحديث : وكانت قريش تسمى المطلب الفيض لسماحته
وقد تولى السقاية والرفادة ؛ وهي إطعام وسقاية الحجيج .
وكان أكبر من أخويه هاشم ومن عبد شمس
وشريفا في قومه مطاعا سيدا
,,,,,
لما سمع المطلب من صديقه , بابن أخيه شيبة وهو عبدالمطلب ,
فرحل إلى يثرب في طلبه فلما رآه فاضت عيناه وضمه ,
وألبسه حلة يمانية , وأردفه على راحلته فامتنع حتى تأذن له أمه
فسألها المطلب أن ترسله معه فامتنعت
فقال: إنما يمضي إلى ملك أبيه وإلى حرم الله فأذنت له فقدم به مكة مردفه على بعيره
فقال الناس : هذا عبد , المطلب يعني احسبوه عبدآ له
فقال لهم : ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم فأقام عنده حتى ترعرع
ثم إن المطلب هلك بمدينة بردمان من أرض اليمن فولي بعده عبد المطلب
فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه
وأحبه قومه وعظم خطره فيهم
فولي عبد المطلب بن هاشم بعد وفاة عمه الرفادة والسقاية
وقد عرف عبد المطلب وأشتهر بما فعله من أمور البيت
قالت بشوور : وما هذه الأمور التي زادته شرفا ؟
أولها حفر بئر زمزم
والثانية : حادثة الفيل *(1)
قالت لحظة أمتنان: وهل كانت بئر زمزم مدفونة ؟ ومن دفنها ؟؟
تأوهت أم أيمن فاستطردت قائلة لنا :
إنها جرهم قد غلبت آل إسماعيل على مكة ، و أفسدوا في حرم الله .
فوقع بينهم وبين خزاعة من اليمن فغلبتهم خزاعة .
ونفت جرهما من مكة . وكانت جرهم قد دفنت الحجر الأسود ، والمقام وبئر زمزم .
وظهر بعد ذلك قصي بن كلاب على مكة . ورجع إليه ميراث قريش .
فأنزل بعضهم داخل مكة - وهم قريش الأباطح –
و بعضهم خارجها - وهم قريش الظواهر –
فبقيت زمزم مدفونة إلى عصر عبد المطلب .
فرأى في المنام موضعها .
فقام يحفر فوجد فيها سيوفا مدفونة وحليا ، وغزالا من ذهب مشنفا بالدر . فعلقه عبد المطلب على الكعبة .
فقالت زهور الأقحوان في شوق : وما هي الرؤيا التي رأى عبد المطلب يا أم أيمن ؟
قيل له في المنام :
أحفر طيبة ! , قال وما طيبة ؟
؟؟
فلما كان الغد أتاه فقال : أحفر برة ! , قال وما برة ؟
؟؟
فلما كان الغد أتاه وهو نائم في مضجعه ذلك فقال : أحفر المضنونة !
؟؟
قال : وما المضنونة ؟ ,,,, أبن لي ما تقول ؟
؟؟
قال فلما كان الغد أتاه فقال أحفر زمزم ! , قال وما زمزم ؟
؟؟
قال : لا تنزح ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم , وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم
؟؟
وكان غراب أعصم لا يبرح عند الذبائح مكان الفرث والدم وهي شرب لك ولولدك من بعدك
&&
فغدا عبد المطلب معه ابنه الحارث بن عبد المطلب وليس له يومئذ ولد غيره
فجعل عبد المطلب يحفر بالمعول ويغرف بالمسحاة في المكتل فيحمله الحارث قيلقيه خارجا
فحفر ثلاثة أيام ثم بدا له الطوي فكبر وقال هذا طوي إسماعيل فعرفت قريش أنه قد أدرك الماء
فأتوه فقالوا أشركنا فيه
فقال ما أنا بفاعل هذا أمر خصصت به دونكم
,,,,,,,,,,,
فخرجوا إلى الشام ليتحاكموا إلى كاهنة بني سعد هذيم
وخرج مع عبد المطلب عشرون رجلا من بني عبد مناف وخرجت قريش بعشرين رجلا من قبائلها
فلما كانوا بمكان يسمى الفقير على طريق الشام , انتهى ماء القوم جميعا فعطشوا
فقالوا لعبد المطلب ما ترى فقال هو الموت فليحفر كل رجل منكم حفرة لنفسه ,
فكلما مات رجل دفنه أصحابه
و قعدوا ينتظرون الموت , فقام عبد المطلب إلى راحلته ليبحث عن الماء فركبها
فلما انبعثت به انفجر تحت خفها عين ماء عذب ففرح عبد المطلب و أصحابه وشربوا جميعا
ثم دعا القبائل من قريش فقال هلموا إلى الماء الرواء فقد سقانا الله فشربوا واستقوا
وقالوا قد قضي لك علينا الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم
فو الله لا نخاصمك فيها أبدا فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبين زمزم
قالت Lena :وأين محمد الآن يا أم أيمن ؟؟
إنه مع جده عبد المطلب , فقد ضمه إليه
وهاهو بيت عبد المطلب , وأولاده هنا
فهذا حمزة , وذاك العباس
وتلك هالة زوجة عبد المطلب , وبنت عم آمنة بنت وهب ( أم محمد )
والكل يحب محمد في هذا البيت ويحنٌّ عليه
وعبد المطلب لا يتركه ولو لبرهة من الزمان، ويرق عليه .
و يقربه منه ويدنيه , ويدخل عليه إذا خلا , وإذا نام
وهاهو محمد قد خرج مع جده عبد المطلب إلى الكعبة , وهو يؤثره على أولاده
قالت الداعية إلى الله : وكيف ذلك يا أم أيمن؟
قالت أم أيمن: ( ..
كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة ، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه ,
و لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له ,
وكان محمدا وهو غلاما صغير يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه ,
فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني ، فوالله إن له لشأنا ،
ثم يجلسه معه على الفراش ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع
وكان يقول عبد المطلب أيضا : دعوا ابني انه ليؤسس ملكا
وجاء قوم من بني مدلج على عبد المطلب فقالوا :
احتفظ به فانا لم نر قدما أشبه بالقدم التي في المقام منه ,
فقال عبد المطلب لأبي طالب أسمع ما يقول هؤلاء فكان أبو طالب يحتفظ به
هاهو عبد المطلب مقبلا على أم أيمن , وهي تحتضن محمد قائلا :
يا بركة لا تغفلي عن ابني فإني وجدته مع غلمان قريبا من السدرة
وان أهل الكتاب يزعمون أن ابني هذا نبي هذه الأمة
نظرت إلينا أم أيمن :
استأذنكم الآن , سأحضر الطعام لعبد المطلب , وسأحضر محمدا , فلا يأكل عبد المطلب إلا ومحمد معه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وفي ليلة من الليالي المقمرة بمكة ,
وبينما نحن نتواجد في بيت عبد المطلب نستمع له وهو يحدث بناته بعدما اجتمعن حوله
فلما أحس بقرب أجله , طلب من بناته أن يبكينه و يرثينه بشعر
خرجت أم أيمن وقد ملأ الحزن وجهها والدموع في عينيها , فقد توفي عبد المطلب , دفن بالحجون
فقلنا جميعا وأين محمد :
فقالت في حزن رأيته يبكي خلف سرير عبد المطلب
فقلنا : ومحمد من سيحضنه الآن !!!
قالت : لا تحزن على محمد
فعبد المطلب لما حضرته الوفاة نادى ابنه أبا طالب وقال له:
(يابنى، إني قد حضرتني الوفاة، وإني أعهد إليك بابني محمد،
لتكفله وترعاه، فعمره اليوم ثمان سنوات ...)
فبعد وفاة جده الحنون عليه
سيصبح
الآن في كنف عمه
أبا طالب ...
إلى اللقاء في المحطة القادمة
وسريعا إلى أبي طالب ومنزله ..