بسم الله الرحمن الرحيم
المحطة السادسة
حينما توقف القطار في مكة المكرمة كانت في استقبالنا آمنة بنت وهب، أم اليتيم محمد..
رحبت بنا ثم قادتنا إلى بيت عبد الله بن عبد المطلب..
دخلنا وجلسنا..
وبدأت تحدثنا فقالت:
مرحباً بك يا أم هديل ومرحبا بك يا أم إسماعيل ونرحب بابنكِ أيضا , مرحبا آزال وجولنار , تقة , وحاملة المسك , ومياسم الورد , والوردة الذهبية , ومحبة البراءة , ومبدعة.
كيف كانت رحلتكم؟ علمت أنكم قدمتم من بادية بني سعد لزيارتنا فمرحباً بكم.
أنا آمنة أم محمد اليتيم.
هل ترغبون في سماع قصتي وقصته؟
سوف أحكي لكم بعد أن تشربوا الحليب وتأكلوا من هذا الشواء و الثريد..
خطبني عبد المطلب لابنه عبد الله وكان يحبه حباً جماً لدرجة أنه افتداه من الذبح بمئة من الإبل وكان نذر أن يذبحه..
وكنت أشرف بنت في قريش وكان جميع فتيان قريش يطمعون في التزوج مني فأنا آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .
وأهلي هم بنو زهرة بن كلاب.
وكانت جميع بنات قريش يطمعن في التزوج من عبد الله ولكنه لم يكن يلتفت إليهن
وقد سمعتُ أن امرأة دعته إلى نفسها لما رأت في وجهه من نور النبوة ورجت أن تحمل بهذا النبي فتكون أمه دون غيرها ، فرفض لأنه يأبى الحرام .
كانت أم آلاء الله متشوقة لحديث آمنة وابنها فقالت في تشوق أكملي يا آمنة ..
وتوفي أبوه عبدالله وأنا حامل به في بطني وكان زوجي عبدالله قد خرج إلى الشام في قافلة من قوافل قريش فلما فرغوا من تجارتهم انصرفوا فمروا بالمدينة وزوجي يومئذ مريض,
فقال : أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار فأقام عندهم مريضاً شهرا ومضى أصحابه فأتوا إلى مكة فسألناهم عنه فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن .....
فرجع إلى أبيه فأخبره
فحزن عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته حزناً شديداً فهو قد توفى وعمره حوالي خمس وعشرون سنة .
وكنتُ حزينة جداً لنبأ موته، فهو لم ير ابنه الذي في بطني والذي سيولد يتيماً.
وفي ليلة من الليالي كنت أبكي على حبيبي عبد الله حتى غلبني النوم فرأيت في النوم كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام... فقمت من النوم وأنا فرحة جداً بهذه الرؤيا..
وبينما أنا بين النوم واليقظة إذا بهاتف يهتف بي: (يا آمنة إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا)
ولقد أحببته قبل أن يخرج مني لما رأيت من البركة والبشارات.
وما وجدت تلك المشقة التي تجدها المرأة الحبلى حتى وضعته وكانت ولادته بلا ألم ولا عسر.. فلما فُصل مني وقع إلى الأرض معتمدا على يديه جاثيا على ركبتيه وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى وكان رافعاً رأسه إلى السماء.
وقد ذكرتُ ذلك لمرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب , عندما تخوفت على أبني محمد من الشيطان في حادثة شق الصدر , فقلتُ لها : والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لبُنيَّ لشأنا , وذكرتُ لها الرؤيا .
ولقد شهدت ولادته معي أم ايمن بركة الحبشية , و فاطمة بنت عبد الله أم عثمان بن أبي العاص فاسألوهما ماذا رأين ؟
وكانت أم عثمان حاضرة مجلسنا فسألتها أم روضة : ماذا رأيت يومها يا أماه؟ فقالت:
"حضرت ولادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيت البيت حين وضع قد امتلأ نورا ، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننت أنها ستقع عليَّ "
قالت آمنة:
فلما وضعته بعثت جاريتي إلى عبدالمطلب فقالت قد ولد لك غلام فانظر إليه فلما جاءني أخبرته وحدثته بما كنت رأيت حين حملت به وما قيل لي فيه وما أمرت أن أسميه
,,,,,,
هاهو سيد قريش عبد المطلب يُقبل إلينا فرحا مستبشرا بحفيده
فقالت شوق : حدثنا يا شيخ قريش الطيب عن الرؤيا التي رأيت :
فقال :
(رأيتُ في المنام كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهري لها طرف في السماء وطرف في الأرض وطرف في المشرق وطرف في المغرب ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور وإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلقون بها )
,, فقصصتُها للمعبرين ، فعُبرت بمولود يكون من صلبي يتبعه أهل المشرق والمغرب ويحمده أهل السماء والأرض فلذلك سميته محمدا
,,,,,,
فأخذه عبدالمطلب فأدخله في جوف الكعبة وقام يدعو ويشكر الله عز وجل ويقول :
الحمد لله الذي أعطاني= هذا الغلام الطيب الأردان
قد ساد في المهد على الغلمان = أعيذه بالبيت ذي الأركان
حتــى يكــون بلغة الفتيــان = حتــــى أراه بالغ البنيــــــان
أعيــذه مــن كــل ذي شنــآن = من حاســد مضطرب العنــان
ذي همة ليس له عينان = حتى أراه رافع اللسان
أنا الآن أعتزم اصطحابكم معي إلى يثرب نزور قبر زوجي الراحل عبد الله، فهل ستأتون معي؟ ما رأيكم؟
******
هياااا إلى القطار المتوجه
إلى يثرب
مصطحبين آمنة بنت وهب
وهى
تزور قبر زوجها عبد الله بن عبد المطلب.
صحبتكم السلامة