الأخوات الفاضلات ...
السلام عليكم ورحمة الله ...
كتبت في الجزئين السابقين من هذه الحلقة عن مجموعتي الأحاديث المتعلقة بالوضوء والاعتماد على النفس وعدم الاتكال على الغير ...
رابط الجزئين السابقين
ولكن تطبيق الأحاديث التي سبق تحديدها في الجزئين السابقين يتطلب الإلتزام بالأساسيات التي سأعيد تذكيركم بها وأتمنى أن تقرؤها كاملة لوجود بعض الإضافات عليها :
1- توجيه النية قبل أي عمل ..
عن عُمرَ أَنَّ رسولَ اللّهِ قال : ( الأعمالُ بالنِّيَّةِ ، وَلِكلِّ امرئٍ ما نَوَى ، فمَنْ كانتْ هِجْرتُه إِلى اللّهِ ورسولهِ فهجرتُه إِلى اللّهِ ورسولهِ ، وَمَن كانتْ هِجرتُه لِدُنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يَتزَوَّجُها فهجرتهُ إِلى ما هاجرَ إِليه ) رواه البخاري في كتاب الإيمان / باب ما جاءَ أنَّ الأعمالَ بالنِّيَّةِ والحِسبةِ ، ولكلِّ امرئ ما نَوَى .
والنية من تفعيل سنة الحبيب محمد في حياتنا هي إرضاء الله وكسب محبته باتباع سنة نبيِّه .
2- المداومة على العمل الصالح مهما كان يسيراً ..
• قال النبيُّ : ( أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى الله مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ، وَإِنْ قَلَّ ) رواه مسلم .
• عن مَسْروق قال : سألتُ عائشة : أيُّ العمل كان أحبَّ إلى النبيِّ ؟
قالت : الدائم . رواه البخاري في كتاب الرقاق / باب القَصْد والمداومة على العمل .
• عن عائشةَ أنها قالت : كان أحبُّ العمل إلى رسولِ الله الذي يَدومُ عليه صاحبه . رواه البخاري في كتاب الرقاق / باب القَصْد والمداومة على العمل .
- وميزة المداومة على العمل الصالح هي :
• عن أبي موسى قال : قال رسولُ الله : ( إذا مرضَ العبدُ أو سافرَ كُتبَ لهُ مثلُ ما كانَ يعملُ مقيماً صحيحاً ) رواه البخاري .
• عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي قال : ( ما مِن أحدٍ يَمرَض إلاَّ كُتِبَ لهُ مثلُ ما كان يعمل وهو صحيح ) رواه البخاري في الأدب المفرد / باب يُكتب للمريض ما كان يعمل وهو صحيح .
• عن أبِي مُوسَى قال : سَمِعْتُ النَّبيَّ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلاَ مَرَّتَيْنِ يَقُولُ : ( إذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلاً صَالِحاً فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أوْ سَفَرٌ كُتِبَ لَهُ كَصَالِحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ ) حديث حسن رواه أبو داوود في كتاب الجنائز / باب إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرضٌ أو سفر .
3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلَ خَيْرٌ . احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ ، وَلاَ تَعْجِزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا ، كان كذا وكذا ، وَلكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ . فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) رواه مسلم في كتاب القدر / باب في الأمر بالقوة وترك العجز ، والاستعانة بالله ، وتفويض المقادير لله .
• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عن النَّبِيَّ قَالَ : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلَ خَيْرٌ . احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ، وَلاَ تَعْجِزْ ، فَإِنْ غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، وَإِيَّاكَ وَاللَّوْ ، فَإِنَّ اللَّوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) حديث صحيح رواه ابن ماجه .
" والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة ، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر احتمالاً للمشاق في ذات الله تعالى ، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلباً لها ومحافظة عليها ونحو ذلك ، وقوله : « احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز » فمعناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده ، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة " ( شرح النووي على صحيح مسلم ) .
إذن بجانب قوة العزيمة والحرص على طاعة الله والاستعانة به على ذلك ، تحتاج إلى عدم العجز واليأس والكسل بل استمر في محاولة فِعْلَ الشيء الصحيح حتى تنجح ، وفي حال أخفقت إحدى محاولاتك لفِعْل الشيء الصحيح فلا تضيِّع الوقتَ والجهدَ في قول : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا ، كان كذا وكذا ، فما حصلَ قد حَصَل ولا سبيل لإرجاعِ الزمن بل ادخل مباشرةً في مرحلة البحث عن الحلول والخيارات المُتاحة ، واستفد من هذا الإخفاق في اكتشاف مواطن الخلل ونقاط الضعف التي عليك الانتباهُ لها لعلاجِها أو تلافيها في المستقبل ، وتجنَّب تكرار المحاولة الفاشلة حتى لا تَصِلِ لنفس النتيجة الغير مرضية ..
بمعنى أوضح : إذا نسيت أو انشغلت مرةً عن تطبيق الأحاديث المتعلقة بالوضوء أو تكاسلت مرةً عن إنجاز عملك بنفسك وطلبت من الآخرين إنجازه لك فلا تضيِّع الوقتَ والجهدَ في قول : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا ، كان كذا وكذا بل ادخل مباشرة في مرحلة البحث عن موطن الخلل أو نقطة الضعف التي بسببها نسيت تفعيل الأحاديث المتعلقة بالوضوء أو تكاسلت عن تفعيل أحاديث الاعتماد على النفس باستخدام أداة السؤال : لماذا ....... ؟
لماذا نسيت – لماذا انشغلت عن تطبيق الأحاديث المتعلقة بالوضوء ؟
لماذا نسيت – لماذا تكاسلت عن إنجاز عملي بنفسي وطلبت من الآخرين إنجازه لي ؟
وبعد أن تُجيب على نفسك وتُحدد السبب استخدم أداة السؤال : كيف ....... ؟
كيف أعالج هذا الخلل ؟
وبإجابة هذا السؤال حدِّد الحل المناسب لعلاج هذا الخلل وابدأ في تطبيقه مباشرة وتجنَّب تكرار المحاولة الفاشلة حتى لا تَصِلِ لنفس النتيجة الغير مرضية ..
كن مؤمناً قوياً في الاعتماد على نفسك ومقاومة كسلك ، وتذكر أنَّ المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف .
4- تحقيق مبدأ ( إِنَّ لِربِّك عليكَ حقاً ، ولنفْسِكَ عليكَ حقاً ، ولأهلِكَ عليكَ حقاً فأعْطِ كلَّ ذي حَقّ حقَّه ) .
أعطِ كل ذي حقٍّ حقه ، وأعطِ كل شيءٍ حقه من التركيز والاهتمام .
بمعنى : عندما تتوضأ أعطِ الوضوء حقه من تطبيقِ فروضه وواجباته وسننه .
استشعر كرم الله عليك ، وغفرانه لذنوبك وخطاياك بالوضوء وماء الوضوء .
استشعر تعرُّف النبي عليك من أثر الوضوء .
أعطِ تطبيق الأحاديث المتعلقة بالوضوء حقها من التركيز والاهتمام وهذا هو دليل حرصك على ما ينفعك من طاعة الله واتباع سنة نبيه .
أما بالنسبة للاعتماد على النفس وترك الاتكال على الغير فهو من سمات المؤمن القوي وبالتالي فإن اعتمادك على نفسك هو من حقوق نفسك عليك باعتبارك مسلماً يريد أن يحيا قوياً ، وباعتبارك مسلماً يريد أن يكون أخير وأحب إلى الله .
وستجني من اتباع سنة الحبيب محمد :
- كسب محبة الله وغفران الذنوب .
قال تعالى : } قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم { ( آل عمران : 31 ) .
- ويترتب على هذه المحبة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ الله : ( إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبَّهُ . قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ . ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ : إِنَّ الله يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ . قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ : إِنِّي أُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضْهُ . قَالَ : فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ : إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضُوهُ . قَالَ : فَيُبْغِضُونَهُ ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ ) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب / باب إذا أحبَّ الله عبداً ، حببه إلى عباده .
- طاعة الله بطاعة النبي .
عن أبي هريرةَ ، أنَّ رسولَ الله قال : ( مَن أطاعني فقد أطاعَ اللهَ ، ومن عصاني فقد عصى اللهَ ) رواه البخاري في كتاب الأحكام / باب قول اللَّهِ تعالى : { أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] ، ورواه ابن ماجة في باب اتباع سنة رسول الله .
- ويترتب على هذه الطاعة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : ( قَالَ اللهُ : إِذَا تَقَرَّبَ عَبْدِي مِنِّي شِبْراً ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعاً ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً ، ـ أَوْ بُوعاً ـ ، وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي ، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار / باب فضل الذكر والدعاء والتقرُّب إلى الله تعالى .
ومعنى الحديث : " من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة ، وإن زاد زدت ، فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود ، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه " ( شرح النووي على صحيح مسلم ) .
- دخول الجنة بإذن الله تعالى .
• عن أبي هريرة أن رسولَ اللَّه قال : ( كلُّ أمتي يَدخلونَ الجنة إلا من أبى ) . قالوا: يا رسولَ الله ومن يأبى ؟ قال : ( من أطاعني دخلَ الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب الاقتداء بسنن رسول الله .
• عن جابر بن عبد الله قال : جاءت ملائكة إلى النبيِّ وهو نائمٌ ، فقال بعضهم : إنه نائم ، وقال بعضهم : إنَّ العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظانُ ، فقالوا : إِنَّ لِصاحبكم هذا مثلاً ، فاضربوا له مثلاً ، فقال بعضهم : إِنه نائمٌ ، وقال بعضهم : إنَّ العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظان ، فقالوا : مثلهُ كمثلِ رجلٍ بَنى داراً وجَعَلَ فيها مأدُبةً وبَعثَ داعياً ، فمن أجابَ الداعيَ دخلَ الدارَ وأكلَ من المأدبة ، ومن لم يجبِ الداعيَ لم يدخل الدار ولم يأكل منَ المأدبة ، فقالوا : أوِّلوها له يَفقهها ، فقال بعضهم : إنه نائمٌ ، وقال بعضهم : إنَّ العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظانٌ ، فقالوا : فالدارُ الجنة ، والداعي محمدٌ ، فمن أطاعَ محمداً فقد أطاعَ الله ، ومن عصى محمداً فقد عصى الله ، ومحمدٌ فرْقٌ بينَ الناس . رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / باب الاقتداء بسنن رسول الله .
الواجب :
- حضور محاضرات أو الاستماع إلى محاضرات في أشرطة كاسيت أو في الإنترنت عن صفة صلاة النبي ، وتعلُّم كل ما يتعلق بالصلاة ، وذلك خلال الفترة المحددة لتطبيق الأحاديث المتعلقة بالوضوء والاعتماد على النفس لأننا في الحلقة القادمة من السلسلة سندخل في الصلاة ، وأتمنى أن تضعوا روابط المحاضرات إن وجدت في المنتدى حتى يتسنى للجميع الاستفادة منها .
- تطبيق الأحاديث المتعلقة بالوضوء والاعتماد على النفس مع الالتزام بالأساسيات المتفق عليها .
- المشاركة في المنتدى بذكر أمثلة للأعمال التي يمكننا الاعتماد على أنفسنا في إنجازها ولكننا للأسف نتكاسل ونتكل على الآخرين في إنجازها لنا + ذكر العقبات التي تواجهكم خلال فترة التطبيق ، والحلول التي أوجدتموها لتخطي هذه العقبات حتى يستفيد الجميع من خبرة الجميع .
- بإمكانكم استخدم جدول متابعة أو أي طريقة تناسبكم لتحديد مدى التزامكم وقياس مدى تطوركم في تطبيق الأحاديث المتفق عليها وتسجيل العقبات التي تواجهكم وحلولها .
تنبيه : الرجاء عدم نقل الموضوع لمنتديات أخرى وذلك حفاظا على خط سير السلسلة ، وحفاظا على الحقوق الفكرية لصاحبتها .
Change
الحلقة الثالثة من سلسلة ( لمن يهمه أمر نفسه ) الجزء ( 3 / 3 ) مهم جداً ...
تمت كتابته بواسطة
سهام المعالي
, Feb 16 2010 02:56 PM
#1
تاريخ المشاركة 16 February 2010 - 02:56 PM
#2
تاريخ المشاركة 13 February 2011 - 10:33 PM
وعليكــم السـلام ورحمة الله وبركاتـه..
اللهم صل على سيدنا المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم
ماشاء الله تبارك الله
بارك الله لكِ هذا الجهد الطيب
وجعله في ميزان حسناتكِ وأثابكِ الجنة
اللهم صل على سيدنا المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم
ماشاء الله تبارك الله
بارك الله لكِ هذا الجهد الطيب
وجعله في ميزان حسناتكِ وأثابكِ الجنة
{{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }الآنبياء 83 – 84
السموحة منكم
السموحة منكم