فلقد كرم الله سبحانه بني آدم فخلق آدم بيده عز وجل وأسجد له ملائكته وعلَّمه الأسماء كلها، واختص سبحانه وتعالى بني آدم دون سائر المخلوقات بتكريم ومنزلة ومزايا خاصة لهم دون غيرهم، لكن أعظم تكريم وتشريف هو أنْ حمَّلهم سبحانه وتعالى هذا الدين، وأنْ جعلهم سبحانه وتعالى عباداً له فشرفهم بالانتساب إليه والتعبد له عز وجل، فصار شرف الإنسان وعزه عندما يذل بين يديه مولاه، وكماله هو في فقره لله عز وجل واستغنائه عمن سواه، بل هذا هو ما خُلِقَ بنو آدم من أجله [ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ] .
ولقد كرم الله الأنسان بحمله امانة عجزت السموت والأرض عن حملها وذلك في قولة تعالى
(انا عرضنا الامانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الأنسان انه كان ظلوما جهولا)
فهنا نقف ونتسأل ماهي الأمانة؟؟
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة . . . قال صلى الله عليه وسلم : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " [ رواه البخاري ]
فالأمانة من الأخلاق الفاضلة وهي أصل من أصول الديانات ، وعملة نادرة في هذه الأزمنة ، وهي ضرورة للمجتمع الإنساني ، لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم ، وصانع وتاجر ، وعامل وزارع ، ولا بين غني وفقير ، ولا كبير وصغير ، ولا معلم وتلميذ ، فهي شرف للجميع ، ورأس مال الإنسان ، وسر نجاحه ، ومفتاح كل تقدم ، وسبب لكل سعادة ، وليست الأمانة محصورة في مكانها الضيق الذي يعتقده كثير من الناس ، فالأمانة ليست مقصورة على أداء الودائع التي تؤمن عند الناس ، بل هي أشمل من ذلك بكثير ، فالصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من شعائر الدين أمانة ، من فرط في شيء منها أو أخل به فهو مفرط فيما ائتمنه عليه ربه تبارك وتعالى ، وتشمل الأمانة كذلك كل عضو من جسد الإنسان ، فاليد والرجل والفرج والبطن وغير ذلك أمانة عندك ....
ماهي صور الأمانة والتفريط بها؟؟
التفريط في أمانة الأسرة ، من زوجة وأولاد ، فهذه هي الخيانة التي حذر منها الشرع ، وهذا هو الغش المحرم الذي أشار إليه الدين الحنيف ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " [ متفق عليه ] ،
فكم هم الأولياء الذين خانوا الله ورسوله ، وخانوا أماناتهم وهم يعلمون ، وذلك بإدخال وسائل الفساد إلى بيوتهم ، من أطباق فضائية وإنترنت ، ومجلات خليعة ماجنة فاضحة ،
وإن من أعظم الأمانة ، الأمانة التي تكون بين الرجل وزوجته ، فلا تفشي له سراً ، ولا يطلع لها مخفياً ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة : الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها " [ رواه مسلم ]
- وحفظ أسرار الآخرين أمانة .
- ونقل رسالة كلفك بها إنسان أمانة .
- وأن تشهد في موقف ما بما رأيته بالضبط من غير تغيير أمانة .
- والوقت أمانة، فلا نقضيه إلا في كل ما هو مفيد، ولا نضيعه فيما يغضب الله .
- وأداء العبادات التي كلفنا الله بها كالصوم والصلاة هي أهم أمانة، فالصلاة عندما نؤديها في وقتها، ونتم ركوعها وسجودها باهتمام وخشوع دون تقصير أو إهمال، نكون بذلك قد أدينا الأمانة .
- وعدم الغش في البيع أو الشراء أمانة، والتاجر الأمين هو من ينصح المشترى، ولا يبيعه سلعة قبل أن يوضح له كل ما فيها، ولا يحاول أن يخفى عيوبها، ويبتعد عن الغش بكل أنواعه ، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
"من غشنا فليس منا" . (رواه مسلم) .
- والمحافظة على المواعيد أمانة، فإذا أعطيت زميلاً لك موعدًا باللقاء فعليك أن تذهب إليه في الموعد المحدد بالضبط، ولا تتأخر أو تتخلف عن الموعد .
- وطلب العلم أمانة، وإفادة الناس بما تعلمناه أمانة .
- وجسم الإنسان أمانة، علينا أن نحافظ عليه، ولا نستخدمه إلا في الخير وكل ما هو مفيد .
- وتأدية العمل بإتقان، ودون إهمال أمانة؛ فالتلميذ أمين على دروسه وواجباته المدرسية، ولا يغش في الامتحان ولا يغشش غيره، والمعلم أمين على العلم والمتعلمين، والموظف أمين على وظيفته، وعليه مساعدة كل الناس دون إبطاء أو تقصير،
الأمانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فنوح وهود وصالح ولوط وشعيب يخبرنا الله عز وجل في سورة الشعراء أن كل واحد منهم قد قال لقومه : " إني لكم رسول أمين " ، ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أمين الله في الأرض على الرسالة ، فهو الذي يبلغ عن ربه هذا الدين العظيم ، وقد كان مشهوراً بالأمانة في قومه قبل الرسالة ، فقد كانوا يلقبونه ( محمد الأمين ) ، وجبريل عليه السلام أمين وحي السماء ، فقد وصفه الله بذلك في قوله تعالى : " وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين "
عقوبة المفرط بالأمانة:
فأمر الأمانة عظيم ، وخطر التفريط فيها جسيم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " [ رواه البخاري ومسلم ] ، فأي فوز ، وأي نجاة ، وأي نصر يرجوه المسلم عندما يتعامل مع إخوانه المسلمين ، بالخيانة ، وعدم الأمانة ، بل بالكذب والغش والتدليس والسرقة ، إن التفريط في الأمانة ، وصمة عار في جبين المفرط ، ووسام ذل وخيانة ، يحيط بعنقه ، وأي خسارة أعظم من أن يكون المسلم في عداد المنافقين ، لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن المفرط في الأمانة ، والخائن فيها هو في عداد المنافقين الذين توعدهم الله تعالى بأقسى العقوبة ، وأسفل مكان في النار ، فقال تعالى : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً " فاحذروا عباد الله من سوء العاقبة ، وخطر الخيانة والكذب على المسلمين ...
وفي النهاية اعتذار حاااار لبنات حديقتي على تأخري بالدرس الخامس وذلك لظروفي وباءذن الله لن يحصل تاخير مرة اخرى
واعتذارا مني لكم لن يكون هناك سؤال فقط قوموا بتسجيل الحضور ولكم مني كل حب وتقدير
من المراجع لهذا الدرس::صيد الفوائد...