يشكو كثير من الآباء والأمهات من مشكلة التبول اللاإرادي عند أبنائهم,
ويمثل ذلك مشكلة منزلية تلقي بظلالها السلبية
على الأبناء وتكيّفهم النفسي والعصبي والوجداني..
وكثير من الآباء والأمهات يسيئون التصرف حيال تلك المشكلة
ويضعون أبناءهم موضع التأنيب المستمر أو الضغط الشديد
مما يفاقم من الأزمة
ويخرجها عن نطاقها إلى نطاق أشد سوءاً وأكثر ضرراً..
ولأن هذه المشكلة منتشرة بشكل ملفت
فرأينا تقديم بعض من التوضيحات والنصائح الهامة
للمتخصصين والأطباء والتربويين والآباء
في شكل برنامج عملي للتغلب على تلك المشكلة..
سائلين الله سبحانه أن تحيا شتى الأسر المسلمة في حياة هنيئة
لا يكدر صفوها شيىء أبدا..
1- التبول اللاإرادي من أكثر المشكلات شيوعاً في مرحلة الطفولة,
وهو يظهر بعدم قدرة الطفل على السيطرة أو التحكم في مثانته,
وأسبابه قد تكون وراثية,
أو بسبب أمراض في الجهاز البولي أو اضطرابات في النوم,
أو اضطرابات في الجهاز العصبي,
أو لعوامل نفسية أخرى كثيرة.
2- تعد مشكلة التبول اللاإرادي مشكلة أسرية في المقام الأول،
لأنها حالة تؤثر سلباً على الطفل وعلى والديه،
بل قد تصيب الوالدين بنوع من الشعور بالإحباط،
كما تصيب الطفل بنوع من الخجل أمام الآخرين.
كما تسبب له شعوراً بالنقص والميل إلى الانزواء وغير ذلك،
وتؤدي هذه المشكلة بالطفل إلى العناد والتخريب
والميل إلى الانتقام
في محاولة للثأر من نفسه وسرعة الغضب.
3- التبول اللاإرادي أنواع،
هناك التبول اللاإرادي الليلي،
وهناك التبول اللاإرادي في الليل والنهار،
كما أن التبول اللاإرادي الليلي ينقسم إلى قسمين:
تبول ليلي ابتدائي،
أي أن الطفل لم يتمكن من التحكم في البول في الليل منذ ولد وإلى الآن،
وهي الحالة الأكثر شيوعاً وانتشاراً،
وتمثل نسبة تزيد عن ثلاثة أرباع الشكاوى في موضوع التبول اللاإرادي،
أما القسم الثاني فهو :
التبول الليلي اللاإردي الثانوي،
وهو عدم التحكم في التبول فجأة
بعد أن كان الطفل قادراً على التحكم في البول لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر,
ويمثل ذلك نسبة قد تقترب من خمُس الحالات أو أقل..
4- التبول اللاإرادي في الليل فقط غالبه حميد وهو عبارة عن تأخر نضوج،
وهذا في غالبه عائلي،
وغالباً ما يكون أحد الأبوين قد عانى من هذه المشكلة.
5- يجب أن يكون الطفل قادراً على التحكم في التبول نهاراً
في سن الرابعة من عمره على أكثر تقدير,
ومعظم الأطفال يستطيعون التحكم في ذلك ابتداء من سن الثالثة،
أما ليلاً فمعظم الأطفال يستطيعون التحكم في التبول في سن السادسة،
وعادة لا يوصى بالعلاج إلا بعد هذه السن.
وهذه الحالة تتحسن تلقائياً مع اكتمال النضوج،
إلا أن هناك ظروفاً يُفضل معها العلاج المبكر...
يُذكر أن بحثاً نُشر في الدورية العلمية التابعة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال،
قد وجد أن أغلب الأطفال لا يتقنون السيطرة على عمليتي التبرز والتبول
إلا بعد تجاوزهم السنة الثانية من عمرهم،
كما أثبت ما تعرفه الكثير من الأمهات
من تمكن البنات من إتقان جميع المهارات الخاصة بذلك قبل الأولاد.
وقد حدد البحث متوسط
عمر الأطفال الذي يتم فيه عملية التحكم بين سن 24 إلى 30 شهرا...
وحسب الإحصائيات المرصودة فإن التبول اللاإرادي
يختفي في الأطفال بعد سن الخامسة بمعدل 15% من الحالات كل عام.
وذلك حيث يعاني 10% من الأطفال في سن الخامسة
من التبول اللاإرادي بشكل طبيعي
وفي بعض الإحصائيات تصل تلك النسبة إلى 20%
ثم 5% من الأطفال في سن العاشرة
و1% من الشباب في سن الثامنة عشرة.
يُذكر أيضا أن التبول اللاإرادي منتشر بين الأولاد بمعدل مرتين عنه في البنات..
6- التاريخ الأسري في هذه الحالات له أهمية كبرى
فإننا نجد أن 30% من الآباء و20% من الامهات
قد حدث لهم تبول لاإرادي في أثناء الطفولة
كما أن الاخوة الأكبر سنا لديهم بالنسبة نفسها تبول لاإرادي عند الطفولة,
وأكدت الدراسات أن مرض التبول اللاإرادي له علاقة وراثية,
وأنه ينتقل من الآباء لأطفالهم,
وما يزيد على %70 من الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة كان آباؤهم يعانون منها في طفولتهم أيضاً..
7- تختلف حالات التبول اللاإرادي من طفل إلى آخر
ولكن غالبا ما يحدث التبول يومياً في معظم الحالات
وقد تسوء الحالة نتيجة عقوبة الوالدين للطفل أو إهانته،
ومن الناحية الأخرى فإن تفهم الحالة ومحاولة مساعدة الطفل وتشجيعه
قد تساعد في تخفيف الحالة.
8- التبول اللاإرادي قد يكون مرضاً
ويخفي حالة مرضية يجب اكتشافها وعلاجها مبكراً
مثل التبول اللاإرادي في الليل والنهار معاً،
وينشأ عن حالات مثل أمراض عدم تركيز التبول في الكلى
وأمراض التشوهات الخِلْقية.
9- جميع حالات التبول اللاإرادي يسهل علاجها،
إلا أن هناك حالات تتطلب تدخلَ أكثر من تخصّص طبيّ واحد مثل:
حالات التبول والتبرز اللاإرادي معاً،
وهذه المشكلة تنطوي على حالة نفسية معقدة
تتطلب تدخل طبيب الأمراض النفسية إلى جانب طبيب الأطفال.
10- معظم أطباء الأطفال لا ينظرون الى التبول الليلي وكأنه مشكلة
حتى إذا استمر ما بعد الست سنوات
حيث يعتقدون أنه يصبح مشكلة فقط
لأنه يسبب انزعاجاً اجتماعياً لدى الطفل وأسرته،
وكل الأولاد الذين عانوا من التبول اللاإرادي
شفوا من دون أي تدخل طبي.
11- يتم التقييم عن طريق الفحص العام من نواح كثيرة
مثل الحالة العقلية والنمو العقلي،
كما يجب ملاحظة الطفل أثناء التبول لاكتشاف أية مشكلة بالمسالك البولية
مثل ضعف سريان التبول واعوجاجه أو حدوث آلام أو تنقيط أثناء التبول
فقد يكون هناك ضيق بعنق المثانة أو بمجرى التبول أو التهاب بولي.
ومن أجل تحديد السن المناسبة للبداية يجب أن يكون الطفل مستعداً من الناحية الفسيولوجية والسيكولوجية لذلك.
فمن الناحية الفسيولوجية، حين يبلغ الطفل الثمانية عشر شهراً من عمره
بحيث يستطيع الطفل بداية التمرين على السيطرة على تلك العضلات.
إذن فمحاولة تدريب الطفل على التبول والتبرز الإرادي قبل سن الثمانية عشر شهراً
يكون ذا أثر ضعيف حيث إن الطفل قبل هذه السن لم يكتمل جهازه العصبي بعد.
12 - أهم نصيحة لأي أم هي عدم القلق من وجود هذه الحالة
والتعامل مع الطفل بلطف وحب؛
لأن استعداد الأسرة لخوض هذه التجربة لا يقل أهمية عن استعداد الطفل نفسه؛
حيث لا بد أن تكون الأسرة مستعدة لتحمل عناء التنظيف وراء الطفل
حين يسهو عن إبلاغهم برغبته دون إظهار علامات الضيق والعصبية.
فلا بد من توفير جو مريح ومشجع للطفل في هذه المرحلة.
وينصح أطباء الأطفال الأمهات أن يتراجعن عن عملية التدريب
لمدة قد تتراوح بين الشهر والثلاثة أشهر إذا اتضح عدم استعداد الطفل
بعد أسبوع كامل من المحاولة معه...
حيث إن زيادة التوتر قد ينتج عنها زيادة تفاقم.
يشخص اضطراب البول بالآتي:..
- تكرار إفراغ البول نهاراً أو ليلاً في الفراش
أو الملابس سواء كان لاإرادياً أو مقصوداً.
- أن يتكرر ذلك مرتين أسبوعيا لمدة ثلاثة اشهر على الأقل
ويسبب قلقاً أو خللاً اجتماعياً أو وظيفياً.
- أن لا يقل العمر الزمني عن خمس سنوات.
- ألا يكون سببه تأثيرات فسيكولوجية مباشرة لمادة (مدرة للبول)
أو اضطراب جسماني أو غيره..
وهناك عوامل مؤثرة يجب مراعاتها بالنظر أثناء التشخيص مثل:
- الإهمال في تدريب الطفل على استخدام المرحاض
لكي تتكون لديه عادة التحكم في البول.
- .. التدريب المبكر على عملية التحكم مما يسبب قلقاً لدى الطفل.
أما عن أسباب التبول اللاإرادي الليلي فهي:
أولاً: أسباب عضوية:
(يذكر أن 1% فقط من حالات التبول اللاإرادي الليلي
يمكن إرجاعها إلى أسباب مرضية أو عضوية معينة).
- اضطرابات المثانة (الالتهابات-صغر حجم المثانة- ضيق عنق المثانة).
- التهاب الحبل الشوكي.
- السكري والسكري الكاذب.
- الأعراض الجانبية لبعض الأدوية.
- العامل الوراثي.
- نقص في هرمون (أنتي ديروتك) في فترة الليل
وهذا الهرمون يتحكم في عملية البول.
- التحكم الطبيعي للمثانة يكتسب بطريقة تدريجية
واكتساب التحكم يعتمد على عدة أمور منها :
التطور العقلي – العضلي.. العاطفي
وأيضا التدريب على استعمال الحمام مبكراً.
فأي تأخر مما ذكر.. قد يؤدي إلى تأخر في اكتساب التحكم في المثانة.
ثانياً: أسباب عامة:
1- التوتر العصبي:
مثل الذي ينتج عن ظروف أسرية غير مستقرة
أو غضب الوالدين أو سوء معاملتهما
أو قدوم مولود جديد.
يُذكر أن التبول اللاإرادي في حد ذاته قد ينتج عنه توتر عصبي للطفل،
وهو ما قد يزيد من المشكلة إذا لم تتعامل الأسرة معها بلطف وحكمة.
2- الوراثة:
اكتشف علماء هولنديون عام 1995 موقعاً على الكروموسوم 13
اتضح أنه مسؤول جزئيا عن التبول اللاإرادي الليلي.
وتوصل فريق العلماء إلى أن الطفل الذي عانى أحد أبويه من التبول اللاإرادي الليلي
يكون احتمال إصابة الطفل بنفس المشكلة 44%.
أما إذا عانى الأبوان معا منه فاحتمال إصابة الطفل تصل إلى 80%.
3- مشكلات التنفس:
الذي قد ينتج عن تضخم اللوز أو الزائدة الأنفية
وفي هذه الحالة يكون التبول اللاإرادي الليلي عرض من أعراض الحالة.
4- عوامل نفسية :
هناك عدة عوامل نفسية قد تؤثر في الطفل
ولكن يلاحط أن أكثر الأطفال الذين يعانون من التبول اللاإرادي لأسباب نفسية
يتحسنون كلما تقدموا في السن، مع العلاج أو بدونه،
وفي حالات قليلة قد تستمر الحالة لمرحلة البلوغ.
من خلال عرض الأسباب يتبين لنا أنه يجب الأخذ بنظر الاعتبار
عدم التعامل مع جميع الحالات بنفس الطريقة والأسلوب،
فكل حالة تتطلب دراسة خاصة لمعرفة أسبابها ومعالجتها من خلال الأسباب.
وهذه أول خطوة في العلاج، وهي معرفة السبب.
يبدأ العلاج بعد التأكد أن لا أسباب عضوية موجودة،
والعلاج يتضمن شرحاً للطفل وللوالدين بأن هذه حالة ليست مرضية،
وأن هناك عدداً من الأطفال الطبيعيين لديهم أيضاً هذه الحالة،
ثم بعد ذلك يمكن إعطاء خيارات العلاج حسب الظروف.
وهناك عدة خطوات علاجية هامة يجب مراعاتها كالتالي:
1- الامتناع عن عقاب الطفل وعدم إظهار الغضب من ابتلاله.
2- دور الوالدين في تخفيف أثر المشكلة بالنسبة للطفل
وتيسير الأمر عليه وإزالة الضغط النفسي عنه
وتحسين الجو الأسري من حوله.
3- مشاركة الطفل في حل مشكلته بأسلوب عاطفي حنون
ويمكن للطفل أن يشارك في كتابة ملاحظات عن أيام الجفاف وأيام البلل،
أن يقوم الطفل بمناقشة طبيبه بنفسه،
وأن يتعاون في التبول قبل النوم
وأن يقوم بتغيير ملابسه وفراشه بنفسه.
4- الإقلال من السوائل بالذات قبل ساعات من النوم.
5- التشجيع بواسطة المكافآت بالنسبة لليالي الجافة..
وقد تكون المكافأة معنوية بكلمات تشجيعية
وقد تكون عينية مما يحبه الطفل.
6- إيقاظ الطفل للتبول عدة مرات ليلاً.
7- المساعدة في تنظيم عمل المثانة
عن طريق تدريب الطفل على حبس البول فترات تزداد في طولها تدريجيا أثناء النهار
وبذلك تعتاد المثانة على الاحتفاظ بكميات كبيرة من البول.
8- الفحص الطبي للبول للتأكد من خلوه من التهابات المجاري البولية.
9- تشجيع الطفل معنوياً والثناء عليه عند عدم تبوله ليلاً,
وعدم تأنيبه والسخرية منه، إذ إن هذا أمر ليس في مقدوره،
بل تشجيعه بمكافأته حين يصحو من نومه ولم يتبول.
10ـ يمكن الاستعانة ببعض الأعشاب المحلاة بعسل النحل مثل:
الحرمل والبابونج والشونيز والشمر والشكوريا والجنزبيل
مع مراعاة تحليتها بعسل النحل وتفريغ المثانة قبل النوم مباشرة,
وللعسل فوائد كثيرة مجربة في هذا المجال وليس له أية أضرار..
1- يطلب من الوالدين عمل جدول بالمكافآت بوضوح
بحيث يفهمه الطفل ويعلق الجدول في مكان يراه الطفل جيداً.
2- من المهم أن يكون في البيت بعض من الهدايا التي يحبها الطفل ويفرح بها
وأن نلوح له بها بحيث ألا نحرمه منها عموماً ولكن نكافئه بها..
3- يمكننا شرح ما نريد عمله مع الطفل له
بأسلوب مبسط ورقيق وفي سياق مزاح وسعادة .
4- يمكننا استخدام أساليب التشجيع بصورة أكثر فاعلية
بحيث تشارك كل الأسرة في ذلك.
5- إذا رفض الطفل أن يذهب للحمام،
لا ترغمه ولا تسخر منه، ولا تغضب،
ولكن حثّه لفظياً،
وإذا لم يستجب للحث اللفظي لا تغضب ولا تؤنب
بل حاول تغيير أسلوب الدعم النفسي بأسلوب آخر.
6- تدريجياً يمكننا أن نتعمد إهمال الهدايا وجعلها غير متعلقة بعدم البلل
ونعمل على الدعم النفسي بشكل آخر كالخروج للنزهة
أو عمل حفلة ودعوة بعض أصدقائه أو غيره..
7- ويمكن تقديم المدعم فوراً ويومياً في الأسبوع الأول،
وكل يومين في الأسبوع الثاني،
وكل أربعة أيام في الأسبوع الثالث..
إلى أن يتوقف المدعم المحسوس،
لكن استمر لفترة طويلة في تسجيل التشجيع أمامه عن كل يوم يمر دون بلل.
امتدح السلوك أمام أفراد الأسرة كل مرة ينجح فيها.
وإذا فشل الطفل في يوم من الأيام،
لا تقم بتأنيبه أو نقده،
بل دعه يضع الملابس والأغطية المبللة في المكان المعد للغسيل.
8- تذكر أن الطفل سينجح في بعض الليالي وسيفشل في البعض الآخر.
واستمر في تطبيق البرنامج حتى ينجح الطفل
في المحافظة على نفسه أثناء الليل دون بلل لعدة أسابيع..