أحكام الطهارة للنساء:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد..
فأسعد بالتواصل مع أخواتي الفاضلات في منتدى واحة المرأة، الذي هو بحق واحة غناء، به ترتاح النفس، ولا ترى ما يكدر صفوها، أسأل الله تعالى أن يثيب القائمين عليه، وينفع المشاركين فيه ويجعله في ميزان حسناتهم. أما موضوعنا الذي نلتقي وإياكن عليه فهو أحكام الطهارة للمرأة، وأبرز موضوعات الطهارة المتعلقة بالمرأة هي أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس، والجنابة. وبيانها كالآتي:
أولاً: أحكام الحيض
بداية نعرف الحيض : فالحيض هو دم طبيعة وجِبِلّة (أي جبلت وخلقت المرأة على خروجه منها)، يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة ، خلقه الله لحكمة غذاء الولد في بطن أمه، وهو دم أسود ثخين له رائحة مميزة.
مدة الحيض:
غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام في كل شهر، وهو الملاحظ في واقع النساء، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش :: ( تحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله ثم اغتسلي..)وكانت تستحاض فيطول مكث الدم عليها، ولا تجد علامة تميز لها بين دم الحيض و الاستحاضة، فبين لها الرسول صلى الله عليه وسلم المعدل الطبيعي لمدة الحيض لتحسبه حيض. وقد تزيد مدة الحيض عن ذلك أو تقل حسبما ركبه الله من الطباع في كل امرأة، والصحيح أنه لا حد لأقل الحيض، ولا لأكثره، بل كل ما استقر عادة للمرأة فهو حيض.
أما أحكام الحيض:
1- أن الحائض لا تصلي ولا تصوم حال حيضها , قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش : ( إذا أقبلت الحيضة , فدعي الصلاة ) فلو صامت الحائض أو صلت حال حيضها ؛ لم يصح لها صوم ولا صلاة ، بل تكون بذلك عاصية لله ولرسوله . فإذا طهرت من حيضها ؛ فإنها تقضي الصوم دون الصلاة بإجماع أهل العلم , قالت عائشة رضي الله عنها : ( كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فكنا نؤمر بقضاء الصوم , ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) متفق عليه .
2- لا يجوز للحائض أن تطوف بالبيت ، ولا تجلس في المسجد، ولا تمس القرآن ، وفي قرآته دون مس خلاف والراجح والله أعلم أنها يجوز لها أن تقرأ القرآن وتمسكه من وراء حائل، وهو ترجيح سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.
3-ويحرم على زوجها جماعها في الفرج حتى ينقطع حيضها وتغتسل : قال تعالى : [ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ](البقرة-222) ومعنى الاعتزال : ترك الوطء في الفرج. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح) رواه الجماعة إلا البخاري , وفي لفظ : إلا الجماع . ويجوز لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع في الفرج , كالقبلة واللمس ونحو ذلك .
4- ولا يجوز لزوجها أن يطلقها وهي حائض , قال تعالى : [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ] (الطلاق-1) أي : طاهرات من غير جماع , وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يطلقها حال طهرها إن أراد.
كيف تطهر الحائض:
الطهر هو انقطاع الدم، فإذا انقطع دم المرأة ، فقد طهرت ، وانتهت فترة حيضها، ويُعْرَفُ الطُّهْرُ بأحد أمرين: 1-بخروج الْقَصَّة البيضاء: وهو سائل أبيض يخرج من الرَّحِمِ علامةً على انتهاء دم الحيض، فعلى المرأة أن تنتظر حتى ترى الْقَصَّة البيضاء. و المرأة تعرف بحكم الأمر المعتاد لها ابتداء الحيض وانتهاءه ، وقد ذُكر عن عائشة رضي الله عنها ـ أن بعض النساء تُرسل إليها في نصف الليل بالقطعة من الكُرْسُفِ ( القطن) فيها شيء من الدم، فتقول لهن: لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ الْقَصَّة البيضاء. وذلك دليل على حرص النساء في ذلك الزمان على معرفة الطُّهْرِ.
2-كما يعرف الطهر بخلوص النقاء: وهو أن تحتشي المرأة بقطعة من القطن، أو المنديل، فإذا خرجت القطنة أو المنديل أبيض لاشيء فيه دلَّ ذلك على انتهاء وقت الدورة.
فإذا طهرت: وجب عليها الاغتسال ، ثم تزاول ما منعت منه بسبب الحيض .
صفة الاغتسال:
الغسل الكامل: أن تنوي بقلبها الطهارة من الحدث،ثم تغسل يديها،ثم تغسل أثر النجاسة من الفرج ، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تفيض الماء على رأسها حتى تروي بشرتها بالماء وتفك شعرها إذا كان مربوطا أو مظفورا في حال الغسل من الحيض والنفاس، ولا يلزمها فك الظفائر في حال الغسل من الجنابة لتكرر ذلك وحصول المشقة بسببه، ثم تفيض الماء على سائر جسدها ثلاث مرات، وتدلكه، وتتيامن، فهذا هو الغسل الكامل . فقد أخرج مسلم في صحيحه عن عائشة أن أسماء سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض فقال : ( تأخذ إحداكنّ ماءها وسدرتها فتطهّر ، وتحسن الطهور، ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شؤون رأسها ، ثم تصبّ عليها الماء ، ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطهّر بها ) فقالت أسماء : وكيف تطهّر بها ؟ فقال : ((سبحان الله ! تطهّرين بها )) فقالت عائشة (كأنها تخفي ذلك) تتـبّعين أثر الدم . فقالت عائشة : نعم النساء نساء الأنصار! لم يكن يمنعهنّ الحياء أن يتفقهن في الدين .والفرصة الممسكة هي القطنة التي بها مسك، لتطييب الرائحة، ويمكن استبدال ذلك بالكريمات المعطرة ونحوها .هذا هو الغسل الكامل.
أما الغسل المجزئ فهو أن تنوي وتغسل البدن كاملاً بالماء مرة واحدة،
وعليها تفقد كامل بدنها وإيصال الماء إليه.
تنبيهات:
1- إن رأت المرأة بعد الطهر كدرة أو صفرة ؛ لم تلتفت إليها ؛ لقول أم عطية رضي الله عنها : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا , رواه أبو داود وغيره , وله حكم الرفع ؛ لأنه تقرير منه صلى الله عليه وسلم.
2-إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم , ومن طهرت قبل طلوع الفجر ; لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة ; لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر ، وهذا قول جمهور العلماء.
3- إذا دخل عليها وقت صلاة , ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي , فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت أول وقتها ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها .
4-ما شكت فيه المرأة من الدماء يجب عليها أن تصلي فيه؛ لأن الأصل وجوب الصلاة، ودم الحيض تعرفه النساء أسود ثخين منتن، ودم الاستحاضة أحمر رقيق.
5- قد يكون طهر بعض النساء جفاف تام لا يخالطه أي أثر من صفرة أو كدرة، فهو طهرها إن كان في زمنها المعتاد.
6- من أنواع الكدرة ماء مشوب بحمرة، فإذا نزل بعد الطهر فليس بحيض.
7 –إذا اضطربت الدورة بسبب تركيب اللولب أو حبوب الحمل فإنك تعودين إلى التمييز، بمعنى أنك تنظرين إلى الدم الخارج منك، فما وجدتيه بلون الحيض أو رائحته المعتادة مصحوبا بآلام عند البعض فهو حيض تتركين الصلاة والصيام عند مجيئه، وإذا ذهب عنه هذا الوصف فتعتبرينه دم فساد، فتتطهرين لكل صلاة، وتصومين ولا يؤثر في الصوم ولا الصلاة.
انتهت الحلقة الأولى ويليها الحلقة الثانية عن أحكام الاستحاضة والنفاس، أسأل الله أن يعلمنا ماينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأنا بانتظار اسئلتكن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم