في لساني يمن
في ضميري يمن
تحت جلدي تعيش اليمن
خلف جفني تنام و تصحو اليمن
صرت لا أعرف الفرق ما بيننا
أينا يا بلادي يكون اليمن
يمنٌ واحدٌ عشت أحمله
راحلاً و مقيماً
على ساحة العين
ماذا يقولون ؟!
صارت مجزأة القلب مكسورة الوجه
لا أصدقهم
فهي واحدة كلما
أثخنت في التراب السكاكينُ
أدمى التراب السكاكين
و اندمل الجرح
و استرجع الجسد اليمني أبعاده
شــــــكله
استدارته
خرجت من خرائبه المقفراتِ
اليـــــــــــــمن
هكذا حفظتها حينما درسوها لنا في السنة الأولى من دراستنا الثانوية
و لا زالت محفورة في ذاكرتي ...
يمنُ واحدٌ عشت أحمله
راحلاُ و مقيما
حلمٌ لم يبرح أي قلبٍ نما في تربة اليمن , فكانت الوحدة و تحقق الحلم
إلى هنا و البساط وردي زاهٍ يدفع للتفاؤل , فالحلم تحقق و أرضنا اليمنية
استعادت لحمتها و تم تصحيح خطأ المستعمرين الذين شطروها ..
مضت السنوات و هاهي السنة السابعة عشرة من عمر الوحدة تنطوي
و لكن الحلم قد أصبح كابوساً نغص حياة الكثيرين , و لست متأكدة من مكمن الخلل .
جنوبٌ جرفته موجة الشيوعية فحارب الدين و قلل من مظاهره عندنا
و شمالٌ خالفه في التوجه و كان للدين فيه المكانة و الاهتمام
جنوبٌ منظمٌ إلى حدٍ ما , فقد كان للمستعمر البريطاني بعض الحسنات
و الحزب الحاكم أيضاً رغم علته الخطيرة إلا أنه حظر السلاح
و منع تناول القات إلا في يوم الأجازة فقط , يومٍ أو يومين فقط في الأسبوع
و شمالٌ يعج ببعض الفوضى رغم توقيره للدين و رجاله
ظننت أننا بالوحدة سننعم بحرية ممارسة عباداتنا و ستنتشر دور التحفيظ
كما في الشمال و ستكثر المساجد , ظننت أن أجمل ما في الشمال سيأتي لنا
و أن أجمل ما في الجنوب سيذهب للشمال فنرى بلداً نموذجياً رائعا
فالوحدة مثل الجماعة رحمة و لكنها و رغم أنني أرفض التسليم بذلك
إلا أنها كانت وبالاً على اليمنيين فما انتشر إلا الفساد و ما تبادل الشمال
و الجنوب إلا السلبيات و لم يحكم اليمن الواحد سوى ضعاف النفوس
الذين أعماهم الجشع و الطمع بثروات الوطن عن تقديس وحدته
و المحافظة عليها , قيل لي أن الناس في الجنوب يحضرون لمظاهرة عارمة
و اختاروا لها موعداً و هو الثلاثين من نوفمبر القادم اليوم الذي نحتفل فيه
بجلاء آخر جندي بريطاني من الجنوب و ما سمعته هو ما دفعني للكتابة ,
أيعقل أن قلوباً كبرت و كبر معها حلم الوحدة و فرحت يوم تحقق الحلم
أيما فرح .. أيعقل أن تنتفض على الحلم ؟ وطني الحبيب الواحد متأزم
و الناس متعبين و قلة هم من ذاقوا نعيم الوحدة
و أكثر من نصف أولئك القلة هم آكلو قوت الشعب و ناهبو ثرواته ..
لا أريد أن ينزف الجسد اليمني ثانية و السكاكين تدميه
و يا لهول المصيبة , فالسكاكين اليوم هي سكاكين أبنائه .
أسأل الله أن يصلح الحال و يأخذ بعزته و قوته روح كل فاسد مفسد ,
فلن ينقذ وحدة اليمن و ازدهارها سوى تطهير أرضها من خائني الأمانة ..
لن ينقذ اليـــــــــــمن سوى صــــــــــحوة الضمائر .
لكِ يا بلادي عميق ودي و اشتياقي
و أمنية
أن لا تتشتت أجزاؤك ثانية .