عندما نبلغ ن العمر أقصاه وتزدحم حياتنا بالمواقف والأحداث ونصل إلى قناعة سائدة تقول .. لقد كنت لاشيء فيما سبق .. ولدت وعشت سنوات طوال دون أن تشعر بمعنى حياتك ووجودك ..تكاد أن تخرج من الدنيا ولم تتذوق بعد أجمل مافيها ..العيش برضا الله ..
مسلمة عربية في مكة المكرمة في جوار بيت الله .. أبواب العلم لها مشرعة أنى اتجهت ستجد من يذكرها بالله ..لكنها انشغلت حتى خط عليها الزمن خطوطه , تمشي الهوينا ..قد احدودب منها الظهر وضعفت العظام وسقطت الأسنان وغارت العينان ..كل ما فيها يقول للدنيا ..وداعا.. لقد أوشك الفراق أن يحين ..ذهب الشباب والصحة وكل متع الدنيا الآن لا قيمة لها ..
دعتنا ذات مرة إلى منزلها فلم نشأ أن نردها وهي حديث عهد بالإلتحاق بالدار .. منزلها كبير واسع الأرجاء يوحي بالفخامة ..كل ركن فيه يدعوك للتأمل ..أنواع من المناظر والتحف الجميلة وسيارة فارهه بسائق خاص لها .. لكنها ..لكنها لاتحفظ من كتاب الله شيئا سوى الفاتحة وليست متقنة لها .. أمضت هذه السنوات الكثيرة في ..لا شئ .. حياة مرت , تصرمت أيامها وطويت صفحتها ولا شيء يذكر ..أكل ونوم وزيارات وسعي لتحقيق متع الدنيا الزائلة , ثم هي لا تأتي إلا محملة بالأكدار.. مطالب دنيوية يعيشون من أجلها يفرحون بقدومها ويألمون لعدم تحصيلها ..ليلهم كنهارهم ..عجيب أمرهم ..
عندما زارتنا لأول وهلة ..حزنّا عليها بشدة عندما علمنا بأن نصيبها من القرآن لا شئ وكان مما زاد أسفنا أنها غير آبهة وهي لم تحضر للدار إلا بعد إصرار من أحدى المقربات لها ..
الفاتحة فقط !! ولما ياخالتي ؟! ألم تعلمي بعظمة كتاب الله وأجر من أنفق وقته من أجلة .. أعلم لكننا انشغلنا قليلا بالدنيا!! يااااااااااه قليلا !!!..أكثر من سبعون عاما !!.. وهل الدنيا الفانية خير من حسنات تبقى إلى يوم القيامة ؟!! وإذا كان هذا حظها من كتاب الله فمن باب أولى أن لا يكون عندها علم بعباداتها فقط تصوم وتصلي وتحج ولكن على غير علم ولا رغبة في التعلم فقط كما يفعل الناس تفعل ولا حتى اهتمام بالسؤال عن أمور الدين التي تشكل عليها .. أكثر من سبعون عاما على غير علم وهدى مع أن الطرق لها ميسرة .. سبعون عاما في غفلة ..لا قرآن ,لا دروس , لا محاضرات ,لاعلم نافع , لا أذكار , لا سنن تحافظ عليها , لا حسنات ترتجيها من الأعمال اليوميه التي تقوم بها ولابد لكن بغير نية واحتساب للأجر ..
ياااااااااه ياخالة أيوجد مثلك كثير ؟!!
أمضت معنا زمنا قصيرا تعلمت فيه بعض السور القصيرة وبعض الاحكام المتعلقة بالعبادات وبعض الأذكاروكم كانت متعجبة من بعض الأحكام التي كانت تجهلها .. سبحانك ربي
إنها لحياة بئيسة تلك التي لم نستشعر فيها بعظمة الله ونسعى لرضاه حتى وإن خالطها الذنوب فنحن بشر ولا عصمة لنا .. إنها لحياة بئيسة تلك التي قضيناها ونحن عن الله غافلين وبالدنيا متمسكين ولمتعها ورغباتها طالبين ..وبالعلم زاهدين وفي الجهل غارقين ..
صغيرة هي الدنيا وحقيرة ولا تساوي عند الله جناح بعوضه ..فكيف بسنوات من العمر تمضي ولا شيء من القرآن ولاالعلم في القلب ..أيجهل البعض أن هناك أحكاما لا يسع المسلم جهلها ولا يعذر بذلك وهو قادر على السؤال ؟!!
حياتها الطويلة لم تكن هانئة في الدنيا بل مثقلة بالهموم فابنة لها مطلقة منذ عشر سنوات ولم يكن لها ذنب سوى أنها لم تنجب وأخرى مريضة مرضا نفسيا بعد طلاق مفاجئ لها وهي منقطعة عن العالم ومعتزلة حتى أهلها منذ 12 عاما ولا زالت تأكل وحدها وتنام وحدها وتجلس وحدها مما اثر على ابنها الذي كبر وهو في هذا الجو العجيب من العزلة وضيقة الصدر والكآبة .. أما ابنها فقد رمى عليها بابنته وتولت هي رعايتها وهي لا تقوى على ذلك فقد طلق زوجته وتزوج بأخرى والأم تزوجت ولم ترق قلوبهم لابنتهم فرموها للجدة فلم تجد بد من احتوائها .. المنزل الذي يخطف الأبصار بجمالة عامر ..لكن بالمآسي, بل يئن من ثقلها , وذلك الغنى الظاهر لم يكن سببا لإدخال السرور أو دفع الأذى ..
هذه هي حياة البعد عن الله فيا أسفا على حياة كهذه ..
& الورد الأبيض &