بحبـــك يـــا شـــام
يا شام يا نبضا ً يجري في عروقي يا خيالا ً خصبا ً تستمد منه حروفي يا عبقا ً تتغذى عليه روحي
أنت يا شام لك وحدك يخفق الفؤاد
رأيت فيك سر وجودي و عرفت فيك خالقي و معبودي
أنت يا شام حيرت الحكماء في وصفك و الحديث عن طيب هواءك و عذوبة ماءك و اعتدال أجواءك و ذكاء علماءك و تقدم
شعرائك و جمال
نساءك حتى أن بعض العلماء قال عنك أم البلدان و آخر انك في الدنيا جنة الجنان
دخلك الصحابة الكرام كأنهم وبل سحابة ، أو أسد غابة ، فلقيتهم بالأحضان ، وفرشت لهم الأجفان ، فعاشوا على روابيك كالتيجان فكنت
ملاذ الأبطال والأحرار و ومورد عشاق السلام 0
و يكفيك سعادة أن فيك القائد الفريد ، والبطل السديد ، خالد بن الوليد سيف الله الهمام كاسر كل حسام .
تعود بي أجنحة الشوق إلى الوراء لأذكر أياماً حفرت في ذاكرتي رغم صغر سني
كحروف نقشت على الحجر
تلك الذكريات لا زالت تستحوذ على عقلي تلك التي استلب جمالُها قلبي بكل رأفة وحنان
تعود أولى ذكرياتي إلى قصر جدي حيث كان بناؤه عربيا من الداخل إفرنجيا من الخارج إذا فتحت باب القصر تستقبلك فسحة واسعة ضخمة
مفتوحة إلى السماء على جانبيها أشجار الخوخ و الجانرك و العوجا و المشمش الهندي و مجموعة هائلة من الزهور كالياسمين و الفل و الورد
الجوري والزهور الدمشقية النادرة وهكذا يكون صحن الدار كروضة غناء تغني عن الحدائق الخارجية للساكن 0
و تتوسط هذه الفسحة الضخمة بحرة جميلة ينفر من وسطها ماء عذب رقراق نسميها " أرض الديار " و يحيط بها غرف القصر المكون من
ثلاث طوابق يزينها النوافذ التي تسمح بدخول نور الشمس الساطع من الصباح إلى المساء يتخللها الهواء النقي و هي تفتح على صحن
الدار و لا تفتح على خارج الدور كالطرق بحيث يظل كل ما في الدار ضمن جدرانها ولا يتعداها بعيدا عن أنظار الغريب والقريب على السواء.
لم يكتب لهذا القصر الخلود فقد لحقته موجة التحديث و العمران فغدا مجمعا سكنيا ضخما بعد أن كان لوحة تاريخية شامية عريقة 0
ذهاب لأعلى
