لغتنا الجميلة :. إن النظر إلى الشيء كلمة عامة ، ولكن مدلولها واسع وفي تفصيل مدلول كلمة " النظر " كلام يطول عند من أورثه الله ذوقاً في اللغة ، ومَلكةً في معرفة أصولها .
فالباحث في اللغة يرى أن الإنسان إذا نظر لشيء بمجامع عينه قال : رَمَقَهُ ، وإذا كان النظر من جهة أذنه قيل : لَمَحَهُ ، فإذا رماه ببصره مع حِدَّة نظره قيل : خَدَجَهُ ، فإذا نظر إليه نظر المتثبت قيل : استوضحه وتوسَّمَه ، وإن نظر وفتح جميع عينيه لشدة النظر قيل : حَدَّق ، فإذا فتح عينيه وجعل لا يطرف قيل : شَخَص ، وإن أدام النظر للأرض وهو ساكت قيل : أطرق .
ولعل قائلاً يقول : ما فائدة كل ذلك إذا كان كله يشير للنظر ؟؟ فنقول له : تلمَّسْ هذه الفائدة في قول الله تبارك وتعالى : { لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مُدَّخلاً لولوا إليه وهم يجمحون } التوبة ( 57 ) .
فقد يظن صاحب النظرة العجلى أن تلك الألفاظ مترادفة في المعنى ، لكنها في الحقيقة ليست كذلك فكل كلمة من تلك الكلمات تبين شكل خاص للمهرب الذي يبحث عنه المنهزم من هؤلاء المنافقين . فالملجأ : هو الشكل العادي المألوف من غرفة ، أو دار، أو زمرة من الناس .
والمغارة : حفرة في باطن الأرض أو بطن الجبل لا يألفه ولا يرضاه إلا من اشتد خوفه .
والمدَّخل ، هو المكان الضيق الذي لا يستطيع الخائف أن يدخله إلا بجَهد ، ولا يمكن أن يستقر فيه إلا تضاؤلاً والتصاقاً ، وتوحي هذه الكلمة بجرسها ، وصوتها ، ووزنها، وتشديد الدال فيها بهذا المعنى . وهكذا نرى أن لكل كلمة موقعاً ، وكما قيل : لكل مقام مقال ، وليس كل حديث يقال ـ فالريح غير الرياح، والأكل خلاف الافتراس ، والحمد ليس كمثل الشكر ، وخشي ليس مثل خاف ، وجاء تختلف عن أتى ....... وهكذا .
من أراد الاستزادة من ذلك فليرجع إلى :
صفاء الكلمة ـ د / عبد الفتاح لاشين .
الفاصلة القرآنية ـ د / عبد الفتاح لاشين .
تاريخ آداب العرب ـ مصطفى صادق الرافعي ـ ج3
مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني ـ د / بكري شيخ أمين .
معجزة القرآن ـ محمد متولي الشعراوي .
والله الموفق ..
فالباحث في اللغة يرى أن الإنسان إذا نظر لشيء بمجامع عينه قال : رَمَقَهُ ، وإذا كان النظر من جهة أذنه قيل : لَمَحَهُ ، فإذا رماه ببصره مع حِدَّة نظره قيل : خَدَجَهُ ، فإذا نظر إليه نظر المتثبت قيل : استوضحه وتوسَّمَه ، وإن نظر وفتح جميع عينيه لشدة النظر قيل : حَدَّق ، فإذا فتح عينيه وجعل لا يطرف قيل : شَخَص ، وإن أدام النظر للأرض وهو ساكت قيل : أطرق .
ولعل قائلاً يقول : ما فائدة كل ذلك إذا كان كله يشير للنظر ؟؟ فنقول له : تلمَّسْ هذه الفائدة في قول الله تبارك وتعالى : { لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مُدَّخلاً لولوا إليه وهم يجمحون } التوبة ( 57 ) .
فقد يظن صاحب النظرة العجلى أن تلك الألفاظ مترادفة في المعنى ، لكنها في الحقيقة ليست كذلك فكل كلمة من تلك الكلمات تبين شكل خاص للمهرب الذي يبحث عنه المنهزم من هؤلاء المنافقين . فالملجأ : هو الشكل العادي المألوف من غرفة ، أو دار، أو زمرة من الناس .
والمغارة : حفرة في باطن الأرض أو بطن الجبل لا يألفه ولا يرضاه إلا من اشتد خوفه .
والمدَّخل ، هو المكان الضيق الذي لا يستطيع الخائف أن يدخله إلا بجَهد ، ولا يمكن أن يستقر فيه إلا تضاؤلاً والتصاقاً ، وتوحي هذه الكلمة بجرسها ، وصوتها ، ووزنها، وتشديد الدال فيها بهذا المعنى . وهكذا نرى أن لكل كلمة موقعاً ، وكما قيل : لكل مقام مقال ، وليس كل حديث يقال ـ فالريح غير الرياح، والأكل خلاف الافتراس ، والحمد ليس كمثل الشكر ، وخشي ليس مثل خاف ، وجاء تختلف عن أتى ....... وهكذا .
من أراد الاستزادة من ذلك فليرجع إلى :
صفاء الكلمة ـ د / عبد الفتاح لاشين .
الفاصلة القرآنية ـ د / عبد الفتاح لاشين .
تاريخ آداب العرب ـ مصطفى صادق الرافعي ـ ج3
مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني ـ د / بكري شيخ أمين .
معجزة القرآن ـ محمد متولي الشعراوي .
والله الموفق ..
هناك ما يسمى في اللغة بالمثلثات ، وأشهر من كتب فيها العالم الأندلسي قطرب ، وقد ألف فيها كتاباً ، وتباع كشريط في التسجيلات الإسلامية ( اقتنيته منذ أعوام ، ولا أعرف إن كان موجوداً أم لا .)
والمثلثات عبارة عن لفظة واحدة تحرك بالفتح ، والضم ، والكسر فتعطي معان مختلفة ، وقد أبدع فيها ، فأول كلمة عنده تبدأ بالفتح ، ثم بالكسر ، ثم بالضم ، وهذا مقطع منها :
تيم قلبي بالكلام * وفي الحشا منه كِلام
فسرت في أرض كُلام * لكي أنال مطلبي
بالفتح قول يفهم * والكسر جرح مؤلم
والضم أرض تبرم * لشدة التصلب
خدّد في يوم سَهام * قلبي بأمثال السِهام
كالشمس إذ ترمي سُهام * بضوئها واللهب
بالفتح حر قوي * والكسر سهم رمي
والضم نور وضيا * للشمس عند المغرب
صاحبني وهو رَشا * كصحبة الدلو للرشِا
حاشاه من أكل الرُشا * في الحكم أو من ريب
بالفتح للغزال * والكسر للحبال
والضم بذل المال * للحاكم المستكلب .
لقاؤنا القادم سيكون مع النقطة بإذن الله تعالى ، فانتظرونا .
والمثلثات عبارة عن لفظة واحدة تحرك بالفتح ، والضم ، والكسر فتعطي معان مختلفة ، وقد أبدع فيها ، فأول كلمة عنده تبدأ بالفتح ، ثم بالكسر ، ثم بالضم ، وهذا مقطع منها :
تيم قلبي بالكلام * وفي الحشا منه كِلام
فسرت في أرض كُلام * لكي أنال مطلبي
بالفتح قول يفهم * والكسر جرح مؤلم
والضم أرض تبرم * لشدة التصلب
خدّد في يوم سَهام * قلبي بأمثال السِهام
كالشمس إذ ترمي سُهام * بضوئها واللهب
بالفتح حر قوي * والكسر سهم رمي
والضم نور وضيا * للشمس عند المغرب
صاحبني وهو رَشا * كصحبة الدلو للرشِا
حاشاه من أكل الرُشا * في الحكم أو من ريب
بالفتح للغزال * والكسر للحبال
والضم بذل المال * للحاكم المستكلب .
لقاؤنا القادم سيكون مع النقطة بإذن الله تعالى ، فانتظرونا .
لا شك أن كل جزء في اللغة له أهميته ودوره الذي لا يقوم به غيره ، فللكلمة دور .. وللحرف دور .. وللحركة دور .. بل وحتى لعلامات الترقيم ومنها النقطة دور !
وقد برز دورها في المثال السابق الذي دار فيه النقاش بين الرجلين ( غرك عزك ... )
واليوم نطرح لها قصة أخرى :
أراد ملك أن يحبس رجلاً عقاباً له ، فخط خطاباً يشير فيه أنه لن يعفو عنه وأنه سينفذ فيه العقوبة ، وكتب فيه :
( عفونا مستحيل . يرسل إلى سيبيريا ) ، فتوسطت زوجة الرجل المعاقب لزوجة الملك ليعفو عنه ، فما كان من الأخيرة إلى أن غيرت مكان نقطة واحدة فتحول الخطاب من عقاب لعفو ، فماذا فعلت ؟
( عفونا . مستحيل يرسل إلى سيبيريا ) .
ويمكن طرح هذا اللغز المتداول : كيف تقرأ هذه العبارة بوضع نقطة فقط ؟
رجل هده بيتاً
رجل هد 50 بيتاً .
أعتقد بعد أن يستبين الطالب أهمية الحرف ، والكلمة ، بل والحركة والترقيم سيرى كم هي لغة جميلة وهامة ، وحتى إن لم يحبها فعلى الأقل لن يكرهها بعد ذلك ، ومع التعزيز بالمسابقات والألغاز بين ثنايا الحصص سيزداد إعجاباً ودفاعاً عنها ، وسلامة القصد مع الإخلاص في العمل سيحققان المطلوب بإذن الله تعالى .
وقد برز دورها في المثال السابق الذي دار فيه النقاش بين الرجلين ( غرك عزك ... )
واليوم نطرح لها قصة أخرى :
أراد ملك أن يحبس رجلاً عقاباً له ، فخط خطاباً يشير فيه أنه لن يعفو عنه وأنه سينفذ فيه العقوبة ، وكتب فيه :
( عفونا مستحيل . يرسل إلى سيبيريا ) ، فتوسطت زوجة الرجل المعاقب لزوجة الملك ليعفو عنه ، فما كان من الأخيرة إلى أن غيرت مكان نقطة واحدة فتحول الخطاب من عقاب لعفو ، فماذا فعلت ؟
( عفونا . مستحيل يرسل إلى سيبيريا ) .
ويمكن طرح هذا اللغز المتداول : كيف تقرأ هذه العبارة بوضع نقطة فقط ؟
رجل هده بيتاً
رجل هد 50 بيتاً .
أعتقد بعد أن يستبين الطالب أهمية الحرف ، والكلمة ، بل والحركة والترقيم سيرى كم هي لغة جميلة وهامة ، وحتى إن لم يحبها فعلى الأقل لن يكرهها بعد ذلك ، ومع التعزيز بالمسابقات والألغاز بين ثنايا الحصص سيزداد إعجاباً ودفاعاً عنها ، وسلامة القصد مع الإخلاص في العمل سيحققان المطلوب بإذن الله تعالى .
وقد قام بعض الأفاضل بتعليق ورقة ملونة ( لجذب الطلاب ) مقاس A3 على الجدار في الفصل ، وكتب عليها : مساجلة شعرية ، وبدأ الطلاب يتنافسوا للكتابة فيها وكل يسجل اسمه بجوار البيت الذي كتبه ، وكانت تجربة جديدة ورائعة .
ويمكن استبدالها فيما بعد بمقطوعات شعرية ، أو درر من النثر ... الخ
ويمكن استبدالها فيما بعد بمقطوعات شعرية ، أو درر من النثر ... الخ