وقفة مع سورة المرسلات من 1 إلى 7
[والمرسلات عرفا] أي أقسم بالرياح حين تهب متتابعة ، يقفو بعضها إثر بعض (( اختلف المفسرون اختلافا كبيرا في تفسير هذه الآيات الخمس فبعضهم حملها جميعا على الرياح وبعضهم حملها جميعا على الملائكة ، وبعضهم فصل ، وتوقف الإمام ابن جرير ، وقد اخترنا ما ذهب إليه ابن كثير وما رجحه صاحب التسهيل حيث قال : والأظهر في {المرسلات . والعاصفات } انها الرياح لأن وصف الرياح بالعصف حقيقة
والأظهر فى {الناشرات ، والفارقات } أنها الملائكة لأن قوله {فالملقيات ذكرا} المذكورة بعدها في الملائكة ولم يقل أحد أنها الرياح ولذلك عطف المتجانس بالفاء فقال {والمرسلات فالعاصفات } ثم عطف ما ليس من جنسها بالواو فقال {والناشرات } ثم عطف بالفاء وهذا قول جيد وهو الأصح والأظهر ، والله اعلم ))
قال المفسرون : هي رياح العذاب التي يهلك الله بها الظالمين
[فالعاصفات عصفا] أي وأقسم بالرياح الشديدة الهبوب ، إذا أرسلت عاصفة شديدة ، قلعت الأشجار ، وخربت الديار ، وغيرت الآثار
[والناشرات نشرا] أي وأقسم بالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله ، لتنشر رحمة الله - المطر - فتحيي به البلاد والعباد
[فالفارقات فرقا] أي وأقسم بالملائكة التي تفرق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام
[فالملقيات ذكرا] أي وأقسم بالملائكة تنزل بالوحي ، وتلقي كتب الله تبارك وتعالى إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
[عذرا أو نذرا] أي تلقي الوحي إعذارا من الله للعباد، لئلا يبقى لهم حجة عند الله ، أو إنذارأ من الله للخلق بالنقمة والعذاب
[إنما توعدون لواقع ] هذا هو جواب القسم ، أي إن ما توعدون به من أمر القيامة ، وأمر الحساب والجزاء ، كائن لا محالة ، قال المفسرون :
أقسم تعالى بخمسة أشياء، تنبيها على جلالة قدر المقسم به ، وتعظيما لشأن المقسم عليه ، فأقسم بالرياح التي تحمل الرحمة والعذاب ، وتسوق للعباد الخير أو الشر ، وبالملائكة الأبرار ، الذين يتنزلون بالوحي للإعذار والإنذار، أقسم على أن أمر القيامة حق لا شك فيه ، وأن ما أوعد الله تعالى به المكذبين ، من مجيء الساعة والثواب والعقاب ، كائن لا محالة، فلا ينبغي الشك والامتراء