* بعد يوم عمل شاق في المدينة ، كسبا لرزقه و رزق أطفاله في يوم بارد ، ماطر ، عاصف٠٠كان الرجل متوسط العمر عائدا إلى بيته ، في قرية على تخوم المدينة ، مشيا على الأقدام ، لعدم وجود سيارات عابرة ، في هذا الطقس القاسي ٠
* وما أن وصل إلى مفرق قريته حتى كان التعب قد بلغ منه حدا منهكا ٠٠ فاستند إلى جذع شجرة مقررا الانتظار ، عسى تمر سيارة عابرة تأخذه معها إلى القرية ٠
* بدأ الليل يرخي ظلامه ، و العاصفة تشتد ، و خيوط المطر المتلاحقة تعمي عنه الطريق ، دون أن تمر أية سيارة ٠٠ إلا أنه كان تعبا ، منهكا ، عاجزا عن إتمام رحلته إلى القرية ، مشيا على الأقدام ، فقرر أن لا سبيل له غير الانتظار ، إلى أن يأتي الفرج من عند الله ٠٠٠
* بعد عدة ساعات ، فإذا به يلمح ضمن الظلام ، و بين خطوط المطر المتشابكة شبح سيارة سوداء ، دون إنارة أو أضواء ، ذات زجاج أسود مفيم ، لا يرى شيئا من خلاله ٠٠ تقترب ببطء شديد من المفرق ، و تعبر من أمامه ٠٠٠ فشكر الله كثيرا على استجابته لدعائه، ففتح باب السيارة مسرعا و انزلق فيها انزلاقا، فأغلق الباب و تنفس الصعداء ٠
* ثم التفت إلى السائق ليشكره على توقفه له ٠٠ فكانت المفاجأة الكبرى ٠٠ لا يوجد سائق في السيارة ٠٠ السيارة فارغة إلا منه هو ٠٠ تسير لوحدها ٠٠ إنما ببطء شديد ٠٠ و دون صوت لمحرك يدور ٠٠
* دب فيه خوف شديد ٠٠ إلا أنه تمالك نفسه ٠٠
* تفاجأ ثانية في الطريق ٠٠ فلقد كانت يد تمتد من الخارج ، إلى مقود السيارة ٠٠ لتصلح مسارها عند المنعطفات ، و لتجنبها السقوط في الوديان و الهاويات ٠٠٠
* بعد ساعة من المسير وصل إلى أطراف قريته ٠٠ و كان الخوف و الذعر قد بلغ منه حدا كبيرا ٠٠ فما أن رأى ضوءًا في أحد المنازل القريبة ٠٠ حتى فتح باب السيارة و انطلق ركضا باتجاهه ٠٠ فدخل البيت دون استئذان ٠٠ ثم سقط أرضا من شدة الخوف و الارتباك و الإعياء ٠٠٠
* كان بعض رجال البيت جالسين حول موقد يشربون الشاي و يتسامرون ٠٠ فهرعوا إليه وقدموا له شرابا ساخنا ٠٠ و طمأنوه حتى عاد الهدوء و الراحة له ٠٠٠
* فروى لهم بالتفصيل ، كل الذي جرى معه ٠٠٠
* و قبل أن يصيح بعضهم بالتهليل و التكبير ٠٠ لحدوث " معجزة " في قريتهم ٠٠٠
* دخل عليهم شابان ٠٠ قويان ٠٠ تبدو عليهما علامات التعب و الإنهاك و الغضب ٠٠ مبللين تماما بالماء بسبب مسيرهما الطويل في العاصفة تحت المطر ٠٠٠
* أخذا يجولان بنظرهما بين الحاضرين ٠٠٠
* ثم أشار أحدهما بإصبعه إلى الضيف الأخير قائلا بعصبية و حنق و غضب ٠٠٠ هذا هو ٠٠ ثم هجما عليه ٠٠ فأشبعوه قتلا و ضربا ، حتى تعبا هما من ضربه ٠٠٠
* و عند سؤالهما عن السبب أجابا:
* كانت سيارتنا معطلة فبقينا ندفعها من المفرق إلى القرية، فغافلنا هذا الحيوان و دخل إلى السيارة دون علمنا ٠٠ فلم نشعر به إلا بعد فتحه لباب السيارة و هروبه ولجوئه إليكم ، بعد أن كنا ، قد وصلنا إلى مدخل القرية !
* فلو أن صاحبي السيارة لم يشعرا به عند خروجه منها، أو أنهما ، لم يعثرا عليه ، فيوسعاه ضربا و يفضحا أمره لكانت المعجزة قد اكتملت فصولها ٠٠ و لربما كنا قد رأينا مزارا له يقصد ٠٠ و قرابين له تنحر ٠٠ أو ضريحا له يعبد!
* القصة حقيقية ٠٠ ليست من الخيال ٠٠ بطل القصة ، إنسان بسيطي قروي ساذج ٠٠ و السيارة مخصصة للتهريب ٠٠ و أصحابها مهربون محترفون!
* هذه القصة هي قصة الكثير من المعجزات و الأضرحة و المزارات ٠٠ التي كان حظها أكبر ٠٠و لم يفتضح أمرها ٠٠ فاكتملت حلقاتها ٠٠ فوصلت لنا عبر التاريخ !
قصة منقولة