بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أصل البدعة من الابتداع وهي كل شي احدث على غير مثال سبق وعرف بعضهم البدعة بأنه كل محدث شهد له الشرع بالرفض إما لكونه غير مشروع أصلا أو أنه ليس من العبادة أوأنه صادف نهيا أو ترتب عليه مفسدة.
إذا ليست البدعة كل طاعة أو عبادة أو عمل تشهد له أصول الشرع وقواعده بالقبول ويدخل في إطار الطلب العام والاستكثار من الخير
وأعمال المسلم كلها محكومة بشريعة الله ( العقائد والعبادات والمعاملات وكل الأبواب التي جمعها العلماء في كتبهم ) فكل ما احدث في باب من هذه الأبواب فيحتكم فيه إلي نصوص الشريعة وقواعدها فما وافقها فهو مقبول وما خالفها فهو مردود وهوالبدعة الضلالة
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من احدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد
هذا الحديث يؤكد قولي السابق فما كان من أمر الإسلام فليس مردود وما ليس منه فهو مردود والذي يحدد كونه منه أو ليس منه هي النصوص والقواعد فما شهدت له بأنه منه فهو منه وما لا فلا
وفي وفتنا الحاضر يرى بعض الناس أي أمر حدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان كان من الخير ومن الأمور الدنية الموافقة لدين الله وتشملها أوامر الله ولم يرد فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرونه بدعة ضلالة
وفي الحقيقة هو غير ذلك فما كان موافقا للشرع وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ذلك فمن الخطأ وصفه بالبدعة الضلالة
وليس المقصود هنا أن من احدث عبادة في غير محلها الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معناه انه جائز لا أبدا بل هو بدعة سيئة
ولكن المقصود من عمل عملا لم يرد عن رسول الله أمر به ولا نهي وهو في محله الثابت من العبادة أو الطاعة فهو جائز وان لم يرد به أمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثال ذلك
ما حدث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن رفاعة بن رافع قال كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم قال أنا قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها .اهـ.
والحديث في البخاري .
وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن عمر قال جاء رجل والناس في الصلاة فقال حين وصل الصف الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا فلما قضى النبي صلىالله عليه وسلم صلاته قال من صاحب الكلمات فقال الرجل أنا يا رسول الله والله ماأردت بها إلا الخير فقال لقد رأيت أبواب السماء فتحت لهن قال ابن عمر فما تركته منذ سمعتهن
انظروا كيف اقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأعلى درجات الإقرار
هذا بعض ما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واليكم بعض ما كان في عصر الخلفاء الراشدين
في عهد أبي بكر رضيالله عنه
روى البخاري أن عمر بن الخطاب جاء إلي أبي بكر يقول له يا خليفة رسول الله أرى القتل قد استحر في القراء فلو جمعت القرآن في مصحف فيقول الخليفة كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول عمر والله انه خير ........ والحديث مشهور والشاهد فيه ان العمل ان كان من الخير وما يوافق الشرع وان لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بأسبه
وروى مالك في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه قراء في ثالثة المغرب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ...الآية والمعروف ان ثالثة المغرب يكتفى فيها بالفاتحة وبالإسراردون الجهر وهذا العمل اللذي قام به ابوبكر لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حد علمي لم يؤثر عن رسول الله ولكنه لا يخالف المشروع ولم يقل احدا من العالمين ان ابا بكر ابتدعه
وهذا نصه من الموطى ([ 173 ] وحدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحارث عن أبي عبدالله الصنابحي قال قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصليت وراءه المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } )
في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وجاء في الموطى ايضا ([ 174 ] وحدثني عن مالك عن نافع أن عبدالله بن عمر كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة) أي انه يقراء في الركعة الواحدة بثلاث سور.
والمعروف أن عمر هو من جمع الناس في صلاة التراويح وقد يقول قائل ان الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك
ولكن عمر افرد للرجال إمام هو ابي بن كعب وللنساء إمام هو تميم الداري وهو امر لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه أحدا من الصحابة بل قلده على ابن ابي طالب في عهده
وصح أيضا أن أهل مكة كانوا يقومون بعشرين ركعة في خمس ترويحات وكانوا يطوفون بين كل تروحتين سبعة أشواط فلما علم أهل المدينة بذلك ولم يتيسر لهم الطواف اجتهدوا وزادوا أربع ركعات في كل تروحتين يطوف فيها أهل مكة فكانوا يصلون ستا وثلاثون ركعة ثم يوترون ولم يقل احدا ان عمل اهل مكة او زيادة اهل المدينة بدعة
في زمن عثمان رضي الله عنه
زاد في أذان يوم الجمعةأذانا ثالثا لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
في عهد علي رضي الله عنه
اخرج البزار عن علي كرم الله وجهه قال خرجنا مع أمير المؤمنين في يوم عيد فسأله قوم من أصحابه عن الصلاة قبل العيد فلم يرد شيا ثم جاء قوم فسألوه فلم يرد عليهم فلما انتهينا إلي الصلاة فصلى بالناس فكبر سبعا ثم خطب الناس ثم نزل فركب فقال قوم يا أمير المؤمنين هؤلأ قوم يصلون قال فما عسيت أن اصنع سألتموني عن السنة إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلي قبلها ولا بعدها فمن شاء فعل ومن شاء ترك او تروني امنع قوما يصلون فأكون بمنزلة من منع عبدا إذا صلى .روه عبد الرزاق في المصنف
هذا ما كان من الصلاة وهي ركن من أركان الدين وعماد الأمر كله
والأمثلة كثيرة وفي كل باب من ابواب الفقه
ومثل ذلك في الرقية مثلا
عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قراء على مبتلى في إذنه فأفاق فقال له رسول الله ما قرأت قال أفحسبتم أنماخلقناكم عبثا إلي آخر السورة فقال صلى الله عليه وسلم لو أن رجلا مؤمنا قرأ بهاعلى جبل لزال قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد رواه أبو يعلى وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن ومثله في المطالب العالية لابن حجر
وفي هذا الحديث لم يسبق أن سمع ابن مسعود من رسول الله صلى الله عليه وسلم واقره بها الرسول عليه الصلاة والسلام
وقد ثبتت الرقية من عدد من الصحابة وكان يوافقهم فيها رسول الله صلى عليه وسلم
وثبتت الرقية بسورة من القران أو بآيات معينة وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النفث ولم ينهى عن غيره وثابت عن السلف القراءة على الماء فلا يمتع أن تكون القراءة على غيره مما ليس بمحرم كالزيت مثلا وان لم يرد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالثابت والمعروف انه صلى الله عليه وسلم كان يتجنب كثيرا من الطاعات خشية ان تفرض على أمته ولذلك اكتفى بتوجههم إلي سنته أي إلي طريقته
هذا والله اعلم واحكم
مع اخت فاضلة تغيب عنا من فترة طويلة اسال الله عز وجل ان يحفظها حيث كانت
ويكتب اجرها فقد استفدت من الحور معها الشي الكير هي الغالية ماما سعاد
بارك الله في علمها وعملها