الحقيقة و المجـــــاز
المجاز اللغوي : الاستعارة و المجاز المرسل
المجاز اللغوي : الاستعارة و المجاز المرسل
الأمثلة :
1 / قال الله تعالى :
﴿ و يُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَ هُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَ هُوَ شَدِيدُ المِحَالِ ﴾
سورة الرعد آية 13
2 / قال جرير :
أعـــد الله للشعـراء منّي ***** صواعق يُخضعون لها الرقابا
3 / جاء في المقامة البشرية على لسان بشر بن عوانة العبدي :
أفاطمُ لو شهدتِ ببطن خـبتٍ ***** و قد لاقى الهزبر أخاك بشـرًا
إذن لرأيــــتِ ليثـًــا أمَّ ليثـــًا ***** هزبـــرًا أغلبا لاقى هـــــزبرًا
4 / قال المتنبي :
و لم تجهل أياديك البوادي ***** و لكن ربَّما خفي الصواب
المناقشة :
أتأمل المثالين الأول و الثاني :
- بِمَ توعد الله المشركين ؟
* بأن يهلكهم بإرسال صواعق من السماء تنصب عليهم فتحرقهم .
- بِمَ توعد جرير الشعراء؟
* بأن ينظم قصائد هجاء تجعلهم يذلون و يخضعون .
- تكررت في المثالين كلمة ( صواعق ) ، ماذا تعني في كلّ منهما ؟
* في المثال الأول : جاءت كلمة ( صواعق ) بمعناها الأصلي الذي وضعت له ،
أما في بيت جرير فقد جاز استعمالها في غير معناها الذي وضعت له في أصل اللغة ،
و هو صواعق السماء المنبعثة من السحب ، حيث استعملها للدلالة على قصائده
في الهجاء .
- ماذا يُسمى المعنى الأصلي الذي له أصل في اللغة ؟
* حقيقة .
- ماذا يُسمى جواز استعمال اللفظة في غير معناها الذي وضعت له في أصل اللغة ؟
* مجازًا لغويًّا .
- ما العلاقة التي تربط بين الحقيقة و المجاز ؟
* التشابه ، مثلا تشابه الهجاء و الصواعق في كون كلاهما مخيف مفزع .
- لماذا لا يكون جرير قد أراد الصواعق الحقيقية ؟
* لأنه توجد قرينة لفظية تمنع من ذلك ؛ ألا و هي كلمة ( مني ) فليس لدى جرير صواعق
بل لديه قصائد .
أستنتج :
كل كلمة استعملت في معناها الأصلي الذي وضعت له في أصل اللغة تُسمى حقيقة ،
و كل كلمة جاز استعمالها في غير معناها الذي وضعت له في أصل اللغة لعلاقة
مع وجود قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي تسمى مجازا لغويًّا .
في المثال الثالث :
- بِمَ افتخر بشر؟
* بجرأته و مصارعته الأسد في بطن خبت .
- بِمَ شبه الشاعر نفسه ؟
* بالليث ، الهزبر .
- تكررت كلمة ( ليث ) فماذا يُراد بها في كل مرة ؟
* في المرة الأولى : جاءت بمعناها الأصلي ، و هو ذلك الحيوان المفترس ،
و في الثانية : استعار الكلمة لتؤدي معنى غير معناها الأصلي ، فجاءت بمعنى
رجل شجاع و هو بشر .
- ما العلاقة بين المعنيين ؟
* المشابهة .
- لماذا لا يكون بشر قد أراد في كلمة ( ليث ) الثانية ، الحقيقة ؟
* لوجود قرينة لفظية تمنع من ذلك و هي قوله : لاقى الهزبر أخاك بشرًا ،
و نقيس على ذلك تكرار كلمة ( هزبر ) .
أستنتج :
كل كلمة جاز استعارتها من معناها الأصلي لتؤدي معنى آخر لعلاقة مشابهة
بين المعنيين مع وجود قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي تُسمى : استعارة .
في المثال الرابع :
- بِمَ مدح المتنبي سيف الدولة ؟
* بأن ما له من أيادٍ على أهل البوادي لا يجهل .
- ما المأخذ الذي أخذه المتنبي على أهل البوادي ؟
* أنهم كثيرًا ما يأتون في تصرفاتهم غير الصواب .
- ما المعنى الحقيقي لكلمة ( أيادٍ ) ؟
* جمع يد ، و هي الجارحة المعروفة .
- هل هذا المعنى هو الذي قصده الشاعر في البيت ؟
* لا .
- ما المعنى المراد إذًا ؟
* النعم و الإحسان .
- هل العلاقة بين المعنى الأصلي و المعنى الجديد علاقة مشابهة ؟
* لا .
- إذًا ما العلاقة بين المعنيين ؟
* السببية ، أي أن اليد هي سبب النعمة و أداتها .
- ماذا يُسمى المجاز الذي لم يُقيَّد بتشبيه ؟
* مجازًا مرسلا .
أستنتج :
كل كلمة استعملت في غير معناها الأصلي لعلاقة غير المشابهة مع وجود
قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي تسمّى : مجازًا مرسلا .
الخلاصة :
1 / الحقيقة هي : كلمة مستعملة في معناها الأصلي .
2 / المجاز اللغوي هو : كلمة مستعملة في غير معناها الأصلي ؛ لعلاقة مع وجود
قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي .
3 / إذا كانت علاقة المجاز هي المشابهة سمي استعارة ، و إذا كانت غير المشابهة
سمي مجازًا مُرْسَلا .
للفائدة :
** سمَّى البلاغيون المجاز اللغوي مرسلا لإرساله عن التقيد بعلاقة المشابهة ،
و أُطلق فلم يتقيد بعلاقة واحدة مخصوصة
** سميت الاستعارة بهذا الاسم لأن القائل يستعيرها من مجالها الأصلي ؛ ليستعملها
في مجال آخر .
** الاستعمال المجازي للفظ يؤكد المعنى ، و يُثري الصورة ، و يوجز العبارة .
تدريب محلول
أُبيِّن الحقيقة و المجاز في الكلمات المكتوبة بالأزرق مما يأتي :
1 / قال تميم بن المعز في وصف نافورة في بستان :
و قاذفة بالماء في وسط بركة ***** قد التحفت ظلًّامن الأيك سجسجا
إذا انبعثت بالماء سلّته منصلًا ***** و عـاد عليها ذلك النصل هودجا
تُحاول إدراك السمـــاء بقذفها ***** كأن لها صدرًا من الجو مُـحرجًا
الماء : حقيقة ؛ لأن المراد الماء المعروف .
بركة : حقيقة ؛ لأن المراد المكان المبني ليجتمع فيه الماء .
التحفت : مجاز ؛ لأن معنى ( الالتحاف ) هو التغطية باللحاف ، و المراد هو وقوع البركة
تحت ظلال الشجر و كانها ملتحفة .
هودجًـا : مجاز ؛ لأن معنى ( هودج ) في اللغة هو مركب النساء على الإبل ، و سمي العائد
من العلو هودجًا لمشابهته له في شكله .
2 / و قال عبدالله بن المعتز يصف سحابة :
و ســـارية لا تمـــــل البـــكا ***** جرى دمعها في خدود الثرى
سرت تقدح الصبح في ليلها ***** ببـــرق كهنديّــــــة تنتضــــى
دمعها : مجاز ؛ لأن المراد حبات المطر شبهها الشاعر الدمع .
خدود : مجاز ؛ لأن المراد سطح الأرض تشبيهًا لها بخدود الباكين .
الصبح : مجاز ؛ لأن المراد النور الساطع من البرق لشبهه بالصبح .
ليلــها : حقيقة ؛ لأن المراد به الليل الذي يعقب النهار .
بـــرق : حقيقة ؛ لأن المراد النور الذي يخرج نتيجة اصطدام السحب ، و هو المعنى الأصلي لكلمة ( برق ) .
3 / من قتل نفسًا بغير حق فقد قتل العدل و الإنصاف .
قتل نفسًا : حقيقة ؛ لأنه استعمل في معناه الأصلي و هو إزهاق الروح .
قتل العدل : مجاز ؛ لأن القتل الحقيقي لا يقع على العدل ، و إنما هو للتشابه ف الانتهاء .
4 / سقى الأمير اتباعه ماءً نميرًا ، و سقى أعداءه كأس المنون .
سقى أتباعه الماء : حقيقة ؛ لأنه استعمل في المعنى الحقيقي للسقي و هو شرب السائل .
سقى أعداءه كأس المنون : مجاز ؛ لأن الموت لا يُسقى لكونه أمرًا معنويًّا ، و لكن المتكلم
أراد تصوير حال تمكن الأمير من إزهاق أرواح أعدائه ، و كأنه يسقيهم الموت .