السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
عندماا نتأمل سير الصحابة رضوان الله عليهم نجدهاا مليئة بأخلاق النبوة وزاخرة بما تعلموه من هذه المدرسة الربانية السامية فما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول قولا إلا وجدنا صحابته رضوان الله عليهم أجمعين من الجنسين يصدقون القول بالفعل
أسأل الله لي ولكنّ افتقاء أثرهم والسير على خطاهم وأن يحشرنا في زمرتهم يا رب آمين
غالياتي إن خصلة البذل والعطاء في إسلامنا لا تقتصر على المادة فهي شاملة لكل أخلاق المسلم وإن خصت المادة بالتحديد
ولأن الموقف لأبي بكر رضوان الله عليه خص بالمادة سأقتصر في ذكر بعض المواقف للصحابة الذين اشتهروا وتميزوا بهذه الخصلة العظيمة والصفة الحميدة
وسأبدأ القول بالصحابي الجليل : عبد الرحمن بن عوف
إحدى العشرة المبشرين بالجنة - بشرني الله وإياكنّ بها -
وموقفه شبيها بل مقاربا لموقف سيدنا عثمان بن عفان الذي ذكرته أختنا الحبيبة أم المبدعين ولكن ربما الروايات لها دور في اختلاف المسميات
نأتي لموقفة الأول :
قدمت قافلته رافدةً وافدة، تجوب المدينة ، سبعمائة جملٍ محمَّلةً بالزبيب والحبوب والطعام والثياب، فاجتمع عليها التجار، وأرادوا نهبها بالشراء، فقال: [[كم تعطوني في الدرهم الواحد؟ قالوا: نعطيك في الدرهم درهماً.
قال: وجدت من زادني، قالوا: نعطيك درهمين، قال: وجدت من زادني. قالوا: نعطيك ثلاثة. قال: وجدت من زادني. فقالوا: نحن تجار المدينة ولا يزيدك على ما زدناك أحد.
قال: لا والذي نفسي بيده! قد زادني رب العالمين إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرة،
فقال: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261]
أشهدكم، وأشهد الله وملائكته؛ أنها في فقراء المدينة ، وفي مساكين المدينة فقسمت في غداة واحدة، وتوزع الناس يقولون: سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة .
الله أكبر هل يعي هذه الأخلاق تجارناا ويبقى الخير في أمة محمد حتى قيام الساعة...
،،،،،،،،
موقف آخر لهذا الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف:
تدلنا على أن البذل والعطاء ليست مخصوصة بالقليل أو بالكثير من الصدقة بل كان الصحابة يتصدقون بالقليل والكثير
الموقف:
وقف عليه الصلاة والسلام يطلب الأعطيات من الناس، فذهب أحد الفقراء من الأنصار يلتمس عطاءً فما وجد في بيته إلا حفنة من تمر، -كفاً واحداً من تمر- فحمله ودخل به المسجد، وإذا بالمسجد أصبح حلقةً من الناس ينظرون من يأتي بالأعطيات، فدخل بهذا غير خجلان ولا مستحٍ؛ لأن الذي يقبل العطاء هو الله، والقليل عنده كثير، فدخل بها والرسول صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فوضعها وسط المسجد
وقال: {يا رسول الله! والذي نفسي بيده ما وجدت إلا هذا في بيتي، فقال عليه الصلاة والسلام: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت }
فأخذ المنافقون يتغامزون في أطراف المسجد، يقولون: ماذا تغني هذه الحفنة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسمع صلى الله عليه وسلم قولهم فما رد عليهم بشيء.
ودخل عبد الرحمن بن عوف يحمل أكياس الذهب والفضة حتى وضعها في المسجد وقال: {يا رسول الله! خذ هذا، قال: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت } فتغامز المنافقون وقالوا: "ما قصد بها إلا رياءً وسمعة".
ذاك فقيرٌ معدم لا تغني نفقته، وهذا رياءٌ وسمعة.
إذاً من الصادق عندكم أيها المنافقون؟ ومن المخلص عندكم أيها الكذابون؟ ومن المنيب عندكم أيها الدجالون؟ فأنزل الله فيهم: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة:79].
فهو سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يكافئ العبد بما فعل؛
ولذلك كان شاهد هذه القصة
ألا تحقر من المعروف شيئاً أبداً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق.
ألا تعلم أن البسمة صدقة يكتبها الله لك عنده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى! وأن الكلمة الطيبة صدقة، ولو أن تسقي أو أن تدلي لأخيك وتفرغ في إنائه من إنائك فإنه لك صدقة!
غالياتي الصدقة والبذل لا تحتاج غنى وتجارة فالله يربي الصدقة كما يربي أحدنا الفلاة والصدقة لا تقتصر على المال فالابتسامة صدقة
،،،،،،
عثمان بن عفان يجهز جيش العسرة والرسول صلى الله عليه وسلم يضمن له الجنة
الله ما أجمله من ضمان
يقف عليه الصلاة والسلام على المنبر، وحر الشمس يتوقد، والناس في عسر ومشقة، وهو يجهز جيش العسرة إلى تبوك ، فيقول: {من يجهز هذا الجيش وأضمن له الجنة } فيتلكأ الناس؛ لأنها ميزانية ضخمة، ومال باهظ عظيم،
فيقول: {من يجهز هذا الجيش وأضمن له الجنة } وهو أصدق الصادقين، وهو الضمين الذي لا يخلف، وهو الكفيل الذي لا يكذب،
فيقوم عثمان بين الناس -عثمان البذل والعطاء، عثمان الصدقات والأعطيات- فيقول: يا رسول الله! أشهد الله وملائكته، وأشهدك أني أجهزها في سبيل الله، أرجو ذخرها وبرها عند الله، بخٍ بخٍ، غفر الله لـعثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر: {اللهم ارض عن عثمان }
ثم أخذ صلى الله عليه وسلم يقول: {ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم } وكيف يضره ما عمل؟! وهو أعتق نفسه من النار والعار والدمار، واشترى نفسه من الله.
ومن تتبع سيرة أمير المؤمنين عثمان لوجدهاا تعبق بالبذل والعطاء .
،،،،،
كانت هذه المواقف من شريط للشيخ :عائض القرني
بعنوان: " أهل البذل والعطاء "
أنصحكنّ بسماعه أو قراءة تفريغه فهو يستحق ذلك لجمال ما فيه .
،،،،،،،
الآن مع موقف من أعظم مواقف البذل والعطاء اجتمع فيها الزوج والزوجة الصحابي والصحابية
وهي قصة لأبي الدحداح
أترككنّ مع القصة الغاية في الروحانية والجمال:
كان الرسول محمد صلي الله عليه وآله وسلم يجلس وسط أصحابه عندما دخل شاب يتيم إلى الرسول يشكو إليه
قال الشاب ( يا رسول الله ، كنت أقوم بعمل سور حول بستاني فقطع طريق البناء نخله هي لجاري
طلبت منه ان يتركها لي لكي يستقيم السور ، فرفض ، طلبت منه إن يبيعني إياها فرفض )
فطلب الرسول ان يأتوه بالجار
أتي الجار الي الرسول وقص عليه الرسول شكوي الشاب اليتيم
فصدق الرجل علي كلام الرسول
فسأله الرسول ان يترك له النخله او يبيعها له فرفض الرجل
فأعاد الرسول قوله ( بع له النخله ولك نخله في الجنه يسير الراكب في ظلها مائه عام )
فذهل اصحاب رسول الله من العرض المغري جدا جدا فمن يدخل النار وله نخله كهذه في الجنه
وما الذي تساويه نخله في الدنيا مقابل نخله في الجنه
لكن الرجل رفض مرة اخري طمعا في متاع الدنيا
فتدخل احد اصحاب الرسول ويدعي ابا الدحداح
فقال للرسول الكريم
أأن اشتريت تلك النخله وتركتها للشاب ا لي نخله في الجنه يارسول الله ؟
فأجاب الرسول نعم
فقال ابا الدحداح للرجل
أتعرف بستاني يا هذا ؟
فقال الرجل ، نعم ، فمن في المدينه لا يعرف بستان ابا الدحداح ذو الستمائه نخله والقصر المنيف والبئر العذب والسور الشاهق حوله
فكل تجار المدينه يطمعون في تمر ابا الدحداح من شده جودته
فقال ابا الدحداح ، بعني نخلتك مقابل بستاني وقصري وبئري وحائطي
فنظر الرجل الي الرسول غير مصدق ما يسمعه
ايعقل ان يقايض ستمائه نخله من نخيل ابا الدحداح مقابل نخله واحده فيا لها من صفقه ناجحه بكل المقاييس
فوافق الرجل واشهد الرسول الكريم (صلي الله عليه وآله سلم) والصحابه على البيع
وتمت البيعه
فنظر ابا الدحداح الي رسول الله سعيدا سائلا (أ لي نخله في الجنه يارسول الله ؟)
فقال الرسول (لا ) فبهت ابا الدحداح من رد رسول الله
فأستكمل الرسول قائلا ما معناه (الله عرض نخله مقابل نخله في الجنه وانت زايدت على كرم الله ببستانك كله ، ورد الله على كرمك وهو الكريم ذو الجود بأن جعل لك في الجنه بساتين من نخيل اعجز على عدها من كثرتها
وقال الرسول الكريم ( كم من مداح الي ابا الدحداح )
(( والمداح هنا – هي النخيل المثقله من كثرة التمر عليها ))
وظل الرسول يكرر جملته اكثر من مرة لدرجه ان الصحابه تعجبوا من كثرة النخيل التي يصفها الرسول لابا الدحداح
وتمني كل منهم لو كان ابا الدحداح
وعندما عاد الرجل الي امرأته ، دعاها الي خارج المنزل وقال لها
(لقد بعت البستان والقصر والبئر والحائط )
فتهللت الزوجه من الخبر فهي تعرف خبرة زوجها في التجاره وشطارته وسألت عن الثمن
فقال لها (لقد بعتها بنخله في الجنه يسير الراكب في ظلها مائه عام )
فردت عليه متهلله (ربح البيع ابا الدحداح – ربح البيع )
وهنا إن جاز التعبير يمكننا أن نقول: وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة فكوني حبيبتي تلك المرأة العظيمة وليكنّ همك الجنة ولتسمو أهدافك .
،،،،،
آخر موقف مع الصحابة الجليلة:
أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها وعن أبيها -:
كانت أسماء رضي الله عنها تحمل خصائص الخير، وشمائل النبل، ورجاحة العقل، مما جعلها تتفوق حتى على الرجال في نبلها وذكائها ورجاحة عقلها. وكانت سخية النفس كريمة تجيد بما عندها وذلك ما قاله عنها ابنها عبد الله قال: ما رأيت امرأتين قط أجود من خالتي عائشة وأمي أسماء لكن جودهما مختلف. أما خالتي فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها ما يكفي ، قسمته بين ذوي الحاجات وأما أمي فكانت لا تمسك شيئاً إلى الغد.
،،،،،،
وكما قالت الحبيبة نور الحذيث ذو شجون
أعلم أني لن أتوقف وستمتلىء الصفحات بمواقف الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم في هذه الخصلة العظيمة والصفة الحميدة.
واختم بنصيحة من قلبي المحب بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
قال رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم- يا معشر النساء ! تصدقن وأكثرن الاستغفار . فإني رأيتكن أكثر أهل النار . فقالت امرأة منهن ، جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار . قال : تكثرن اللعن . وتكفرن العشير . وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن . قالت : يا رسول الله ! وما نقصان العقل والدين ؟ قال : أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل . فهذا نقصان العقل . وتمكث الليالي ما تصلي . وتفطر في رمضان . فهذا نقصان الدين
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 79
خلاصة حكم المحدث: صحيح
اللهم اجعل أيدينا العلياء بالإعطاء ولا تجعلها السفلى بالاستعطاء اللهم ارزقنا الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب اللهم اجمعناا من الحبيب محمد وصحبه في جناتك جنات النعيم آمييييين
،،،،،،،،،
هنا مقال يعنى بالترغيب في الصدقة والحث عليها لمن أرادت أن تستزيد
هنــــــــــــا
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،